المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
1053 (80) باب

صلاة النفل في جماعة ، والصلاة على البسط وإن عتقت وامتهنت

[ 544 ] عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنس بن مالك أن جدته مليكة دعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لطعام صنعته ، فأكل منه ثم قال : قوموا فأصلي لكم . قال أنس بن مالك : فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس ، فنضحته بماء ، فقام عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصففت أنا واليتيم وراءه ، والعجوز من ورائنا ، فصلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين ثم انصرف .

رواه أحمد (3 \ 131 و 164)، والبخاري (380)، ومسلم (658)، وأبو داود (612)، والترمذي (234)، والنسائي (2 \ 56 - 57) .


(80) ومن باب : صلاة النفل في جماعة

الضمير في قوله " أن جدته مليكة " عائد على إسحاق بن عبد الله ، وهي أم أبيه عبد الله بن أبي طلحة ، ومالك هو القائل " أن جدته " - قاله أبو عمر ، وغلط [ ص: 286 ] غيره هذا القول وقال : بل مليكة جدة أنس أم أمه ، وعليه يعود الضمير ، وهو القائل " أن جدته " ، والرواية الصحيحة " مليكة " بضم الميم وفتح اللام ، وذكر ابن عتاب عن الأصيلي أنها " مليكة " بفتح الميم وكسر اللام .

وقوله “ فنضحته بماء " ، قال إسماعيل بن إسحاق : إنما نضحه ليلين وليتوطأ للصلاة ، والأظهر قول غيره : إن ذلك إما لنجاسة متيقنة فيكون النضح هنا غسلا ، أو متوقعة لامتهانه طول افتراشه ، فيكون رشا لزوال الشك وتطييب النفس ، وهذا هو الأليق ، لا سيما وقد كان عندهم أبو عمير أخو أنس طفلا صغيرا حينئذ .

وقوله " فصففت أنا واليتيم وراءه " حجة لكافة أهل العلم في أن هذا حكم الاثنين خلف الإمام ، وعلى أبي حنيفة والكوفيين إذ يقولون : يقومان عن يمينه ويساره .

وقوله “ والعجوز من ورائنا " ، هذا حكم قيام المرأة خلف الإمام ، ولا خلاف فيه . ويجوز أن يتمسك به على أن المرأة لا تؤم الرجال لأنها إذا كان [ ص: 287 ] مقامها في الائتمام متأخرا عن مرتبة الرجال فأبعد أن تتقدمهم ، وهو قول الجمهور خلافا للطبري وأبي ثور في إجازتهما إمامة النساء للنساء والرجال جملة ، وحكي عنهما إجازة ذلك في التراويح إذا لم يوجد قارئ غيرها . واختلف في إمامتها النساء ; فذهب مالك وأبو حنيفة وجماعة من العلماء إلى منع إمامتها للنساء ، وأجاز ذلك الشافعي ، وفيه رواية شاذة عن مالك .

التالي السابق


الخدمات العلمية