المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
1054 [ 545 ] وعن أنس أيضا قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس خلقا ، فربما تحضره الصلاة وهو في بيتنا ، قال : فيأمر بالبساط الذي تحته فيكنس ثم ينضح ، ثم يؤم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونقوم خلفه فيصلي بنا . قال : وكان بساطهم من جريد النخل .

رواه أحمد (3 \ 147 و 185)، ومسلم (659) .


وفي هذا الحديث أبواب من الفقه ; منها : الصلاة على ما تنبته الأرض ; فإن هذا الحصير كان من جريد النخل ، كما قاله في الرواية الأخرى ، ولا خلاف في هذا . وما روي عن عمر بن عبد العزيز من خلاف هذا إنما كان لأن مباشرة الأرض أبلغ في التواضع . وفيه أن الافتراش يسمى لباسا ، فمن حلف ألا يلبس ثوبا فافترشه وجلس عليه حنث ، وعلى هذا لا يفترش الرجل الحرير فيجلس عليه ، وهو مذهب مالك وكافة العلماء خلافا لعبد الملك ومن قال بقوله في إجازة الافتراش . وفيه حجة على أن من يعقل الصلاة من الصبيان حكمهم في القيام خلف الإمام حكم الرجال ، وهو مذهب الجمهور ، وروي عن أحمد كراهة ذلك ، وقال : لا يقوم مع الناس إلا من قد بلغ . وروي عن عمر بن الخطاب وغيره أنه كان إذا أبصر صبيا في الصف أخرجه ، وهذا عند الكافة محمول على من لا يعقل الصلاة ولا يكف عن العبث فيها .

التالي السابق


الخدمات العلمية