صفحة جزء
( ولا ) يكلف ( معدوم حال عدمه ) إجماعا ( ويعمه الخطاب إذا كلف كغيره ) أي كغير المعدوم من صغير ومجنون ، ولا يحتاج إلى خطاب آخر عند أصحابنا . وحكي عن الأشعرية وبعض الشافعية . وحكاه الآمدي عن طائفة من السلف والفقهاء . وفي المسألة قول ثان . ونسب للمعتزلة وجمع من الحنفية : أن المعدوم لا يعمه الخطاب مطلقا .

واستدل للقول الأول ، وهو الصحيح ، بقوله سبحانه وتعالى { وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ } قال السلف : من بلغه القرآن فقد أنذر بإنذار النبي صلى الله عليه وسلم . وقول من قال : إذا امتنع خطاب الصبي والمجنون ، فالمعدوم أجدر : ضعيف ، لأنه فهم عن الحنابلة تنجيز التكليف ولم يعلم التعليق .

وأن حكم الصبي والمجنون كحكم المعدوم ، ومن الأدلة أيضا : قوله سبحانه وتعالى { وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه } وكالأمر بالوصية لمعدوم متأهل ، وخوف الموصى الفوت لا أثر له ، ويحسن لوم المأمور في الجملة بإجماع العقلاء على تأخره عن الفعل مع قدرته وتقدم أمره ، ولأنه أزلي ، وتعلقه بغيره جزء من حقيقته . والكل ينتفي بانتفاء الجزء ، وكلام القديم صفته ، وإنما تطلب الفائدة في سماع المخاطبين به إذا وجد ، ولأن التابعين والأئمة لم يزالوا يحتجون بالأدلة ، وهو دليل التعميم والأصل عدم اعتبار غيره ، ولو كان لنقل . قال المخالفون : تكليف ولا مكلف محال رد بأن هذا مبني على التقبيح العقلي ، ثم بالمنع في المستقبل كالكاتب يخاطب من يكاتبه بشرط وصوله ويناديه ، وأمر الموصي والواقف حقيقة ، لأنه لا يحسن نفيه ، قالوا : لا يقال للمعدوم ناس ، رد بأن يقال : بشرط وجوده . قالوا : العاجز غير مكلف ، فهذا أولى ، رد بالمنع عند كل قائل بقولنا ، بل مكلف بشرط قدرته [ ص: 162 ] وبلوغه وعقله . وإنما رفع عنه القلم في الحال ، أو قلم الإثم ، بدليل النائم

التالي السابق


الخدمات العلمية