صفحة جزء
( الرابع ) من المخصص المتصل ( الغاية ) والمراد بها : أن يأتي بعد اللفظ العام حرف من أحرف الغاية ، كاللام وإلى وحتى . مثال اللام : قوله سبحانه وتعالى { سقناه لبلد ميت } أي إلى بلد . ومثله قوله تعالى { بأن ربك أوحى لها } أي أوحى إليها . ومن ذلك " أو " في قوله

لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى

أي : إلى أن أدرك المنى ، وربما كانت " إلى " بمعنى " مع " و " حتى " للابتداء ، نحو حتى ماء دجلة أشكلا ومثال إلى وحتى : أكرم بني تميم إلى أو حتى أن يدخلوا فيقصر على غيرهم ( وهي ) أي الغاية ( كاستثناء في اتصال وعود ) بعد الجمل ففي نحو وقفت على أولادي وأولاد أولادي وأولاد أولاد أولادي إلى أن يستغنوا تعود إلى الكل ( ويخرج الأكثر بها ) بأن يكون غير المخرج أقل من المخرج .

( و ) من أحكامها : أن ( ما بعدها مخالف ) لما قبلها ، أي محكوم عليه بنقيض حكمه عند الأكثر ، لأن ما بعدها لو لم يكن مخالفا لما قبلها لم يكن غاية ، بل وسطا بلا فائدة ، قال الله تعالى { ثم أتموا الصيام إلى الليل } فليس شيء من الليل داخلا قطعا ، وهذا الذي عليه الجمهور . وقال ابن الباقلاني : مخالف لما بعدها نطقا . وقيل : إنه ليس مخالفا مطلقا ، وقيل : مخالف لما بعدها إن كان معها " من " مثاله : بعتك من هذا إلى هذا . وقال الرازي : إن تميز عما قبله بالحس لم يدخل وإلا دخل . والمتميز نحو قوله تعالى { ثم أتموا الصيام إلى الليل } فإن لم يتميز حسا استمر ذلك الحكم على ما بعدها نحو قوله تعالى { وأيديكم إلى المرافق } فإن المرفق غير منفصل عن اليد بفصل محسوس . وقيل : إن كان المعنى عينا أو وقتا لم يدخل وإلا [ ص: 411 ] دخل ، نحو قوله عز وجل ( { ولا تقربوهن حتى يطهرن } ) لأن الغاية هنا فعل ، والفعل لا يدخل نفسه ما لم يفعل ، وما لم توجد الغاية لا ينتهي المغيا . فلا بد من وجود الفعل الذي هو غاية النهي لانتهاء النهي . فيبقى الفعل داخلا في النهي .

وقيل : لا تدل الغاية على أن ما بعدها مخالف ولا موافق ، قاله الآمدي ومحل ما تقدم : في غاية تقدمها عموم يشملها ، أما إذا لم يتقدم الغاية عموم يشملها ، فلا يكون ما بعدها مخالفا لما قبلها ، وإلى ذلك أشير بقوله ( إلا في : قطعت أصابعه كلها من الخنصر إلى الإبهام ونحوه ، فلا ) أي فلا يكون ما بعدها مخالفا لما قبلها ، ويكون الإبهام داخلا قطعا . قال السبكي الكبير : قول الأصوليين إن الغاية من المخصصات إنما هو إذا تقدمها عموم يشملها لو لم يؤت بها . نحو قوله تعالى ( حتى يعطوا الجزية عن يد ) فلولا الغاية لقاتلنا الكفار أعطوا أو لم يعطوا . فأما نحو { رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ ، وعن النائم حتى يستيقظ ، وعن المجنون حتى يفيق } ولو سكت عن الغاية لم يكن الصبي شاملا للبالغ ، ولا النائم للمستيقظ ، ولا المجنون للمفيق فذكر الغاية في ذلك : إما توكيد لتقرير أن أزمنة الصبي وأزمنة الجنون وأزمنة النوم لا يستثنى منها شيء . ونحوه . قوله تعالى . حتى مطلع الفجر طلوعه أو زمن طلوعه ليس من الليل حتى يشمله " سلام هي " بل حقق به ذلك ، وإما للإشعار بأن ما بعد الغاية حكمه مخالف لما قبله .

ولولا الغاية لكان مسكوتا عن ذكر الحكم محتملا ( وغاية ، و ) معنى ( مقيد بها ) أي بالغاية ( يتحدان ويتعدان تسعة أقسام ) لأن الغاية والمغيا : إما أن يكونا متحدين . كأكرم بني تميم إلى أن يدخلوا ، أو متعددين : إما على سبيل الجمع ، كأكرم بني تميم أو أعطهم إلى أن يدخلوا أو يقوموا ، وقد يكون أحدهما متعددا والآخر متحدا . فتكون الأقسام تسعة كالشرط

التالي السابق


الخدمات العلمية