صفحة جزء
( وفعل ) يعني : أن البيان يحصل بالفعل على الصحيح ، وعليه معظم العلماء .

والمراد : فعل النبي صلى الله عليه وسلم . وخالف في ذلك شرذمة قليلون .

دليل المعظم - كما قال ابن الحاجب وغيره - : أنه صلى الله عليه وسلم بين الصلاة والحج بالفعل . وقال { صلوا كما رأيتموني أصلي } وقال : { خذوا عني مناسككم } روى الأول البخاري من حديث مالك بن الحويرث . وروى الثاني مسلم من حديث جابر . لا يقال : إن الذي وقع به البيان قول ، وهو قوله " صلوا " و " خذوا " لأنا نقول : إنما دل القول على أن فعله بيان ، لا أن نفس القول وقع بيانا . وأيضا فالفعل مشاهد . والمشاهدة أدل ، فهو أولى من القول بالبيان . وفي الحديث { ليس الخبر كالمعاينة } رواه أحمد بسند صحيح عن ابن عباس مرفوعا ، وابن حبان والطبراني ، [ ص: 437 ] وزاد فيه { فإن الله تعالى أخبر موسى بن عمران عليه السلام عما صنع قومه من بعده . فلم يلق الألواح . فلما عاين ذلك ألقى الألواح } فيحصل البيان بالفعل ( ولو ) كان ذلك الفعل كله ( كتابة أو إشارة ) قال صاحب الواضح من الحنفية : لا أعلم خلافا في أن البيان يقع بالإشارة والكتابة . انتهى . مثال الكتابة : الكتب التي كتبت ، وبين فيها الزكوات والديات وأرسلت مع عماله . ومثال الإشارة : قوله صلى الله عليه وسلم { الشهر هكذا ، وهكذا ، وهكذا - وأشار بأصابعه العشرة . وقبض الإبهام في الثالثة - يعني تسعة وعشرين } ( و ) والبيان ( الفعلي أقوى ) من البيان القولي .

لأن المشاهدة أدل على المقصود من القول . وأسرع إلى الفهم ، وأثبت في الذهن ، وأعون على التصور وقد عرف النبي صلى الله عليه وسلم مثل ابن آدم وأجله وأمله بالخط المربع ، كما في الحديث الصحيح الذي في البخاري

التالي السابق


الخدمات العلمية