صفحة جزء
( ومنها ) أي ومن أنواع الإيماء أيضا ( تعقيب الكلام ) أي تعقيب الشارع الكلام الذي أنشأه لبيان حكم ( أو تضمينه ) له ب ( ما لو لم يعلل به ) الحكم المذكور ( لم ينتظم ) الكلام ، ولم يكن له به تعلق . فالمتعقب للكلام ( نحو ) [ ص: 515 ] قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع } والذي تضمنه الكلام نحو قوله صلى الله عليه وسلم { لا يقضي القاضي وهو غضبان } رواه الشافعي بلفظ { لا يحكم الحاكم } ، أو لا يقضي [ القاضي ] بين اثنين " ورواه أصحاب الكتب بلفظ { لا يقضين حاكم بين اثنين وهو غضبان } فالآية إنما سيقت لبيان أحكام الجمعة ، لا لبيان أحكام البيع ، فلو لم يعلل النهي عن البيع حينئذ بكونه شاغلا عن السعي لكان ذكره لاغيا ، لكونه غير مرتبط بأحكام الجمعة ، ولو لم يعلل النهي عن القضاء عند الغضب بكونه يتضمن اضطراب المزاج المقتضي تشويش الفكر ، المفضي إلى الخطإ في الحكم غالبا : لكان ذكره لاغيا ، إذ البيع والقضاء لا يمنعان مطلقا ; لجواز البيع في غير وقت النداء ، والقضاء مع عدم الغضب أو مع يسيره ، فلا بد إذا من مانع ، وليس إلا ما فهم من سياق النص ومضمونه ، من شغل البيع عن السعي إلى الجمعة فتفوت واضطراب الفكر لأجل الغضب فيقع الخطأ ، فوجب إضافة النهي إليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية