صفحة جزء
( فوائد ) تشتمل على جملة من قواعد الفقه تشبه الأدلة وليست بأدلة ، لكن ثبت مضمونها بالدليل ، وصارت يقضى بها في جزئياتها ، كأنها دليل على ذلك الجزئي ، فلما كانت كذلك ناسب ذكرها في باب الاستدلال إذا تقرر هذا فاعلم أن ( من أدلة الفقه : أن لا يرفع يقين بشك ) ومعنى ذلك : أن الإنسان متى تحقق شيئا ، ثمشك : هل زال ذلك الشيء المتحقق أم لا ؟ الأصل بقاء المتحقق فيبقى الأمر على ما كان متحققا ; لحديث عبد الله المازني { شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم : الرجل يخيل إليه : أنه يجد الشيء في الصلاة ؟ قال : لا ينصرف ، حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا } متفق عليه ولمسلم { إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا فأشكل عليه : أخرج منه شيء أم لا ؟ فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا } فلو شك في امرأة هل تزوجها أم لا ؟ لم يكن له وطؤها ، استصحابا لحكم التحريم إلى أن يتحقق تزوجه بها اتفاقا ، وكذا لو شك : هل طلق زوجته أم لا ؟ لم تطلق زوجته وله أن يطأها حتى يتحقق الطلاق استصحابا للنكاح .

وكذا لو شك هل طلق واحدة أم ثلاثا ؟ الأصل الحل ، وكذا لو تحقق الطهارة ، ثم شك في زوالها أو عكسه ، لم يلتفت إلى الشك فيهما ، وفعل فيهما ما يترتب عليهما . وكذا لو شك في طهارة الماء أو نجاسته ، أو أنه متطهر أو [ ص: 598 ] محدث ، أو شك في عدد الركعات أو الطواف أو غير ذلك مما لا يحصر ولا تختص هذه القاعدة بالفقه ، بل الأصل في كل حادث عدمه ، حتى يتحقق كما نقول : الأصل انتفاء الأحكام عن المكلفين ، حتى يأتي ما يدل على خلاف ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية