صفحة جزء
( ولا ) ترجيح أيضا ( بين علتين ) ، ( إلا أن تكون كل ) واحدة ( منهما طريقا للحكم منفردة ) قاله في التمهيد وغيره : وذلك لأنه لا يصح ترجيح طريق على ما ليس بطريق ، وقال الشيخ تقي الدين : يقع الترجيح إن أمكن كونه طريقا قبل ثبوته ( ورجحان الدليل : كون الظن المستفاد منه أقوى ) من الظن المستفاد من غيره . وقد تقدم أن الترجيح : فعل المرجح ، وأما رجحان الدليل : فهو صفة قائمة به ، أو مضافة إليه ، ويظهر هذا في التصريف ، تقول : رجحت الدليل ترجيحا ، فأنا مرجح ، والدليل مرجح ، وتقول : رجح الدليل رجحانا ، فهو راجح . فأسندت الترجيح إلى نفسك إسناد [ ص: 639 ] الفعل إلى الفاعل ، وأسندت الرجحان إلى الدليل ، فلذلك كان الترجيح وصف المستدل . والرجحان وصف الدليل ، ولما أهمل - أو سها - عن هذه الطريقة بعض المتأخرين وهم في الفرق بين دلالة اللفظ والدلالة باللفظ ، والفرق بينهما : أن دلالة اللفظ صفة له . وهي كونه بحيث يفيد مراد المتكلم به ، أو إفادته مراد المتكلم .

كأن تقول : عجبت من دلالة اللفظ ، أو من أن دل اللفظ . فإذا فسرتها بأن والفعل الذي ينحل إليهما : المصدر . كان الفعل مسندا إلى اللفظ إسناد الفاعلية . والدلالة باللفظ صفة المتكلم وفعله ، وهي إفادة المتكلم من اللفظ ما أراد منه ; لأنك تقول : عجبت من دلالة فلان بلفظه ، ومن أن دل فلان بلفظة كذا ، فتسند ذلك إلى فلان ، وهو المتكلم ، لا إلى اللفظ ، ومن أمثلة ما الظن المستفاد منه أقوى من غيره : الظن المستفاد من قياس العلة ، فإنه أقوى من الظن المستفاد من قياس الشبه .

التالي السابق


الخدمات العلمية