النوع الثالث مما يقع فيه 
الترجيح بين منقولين ( المدلول ) أي : ما دل عليه اللفظ من الأحكام الخمسة التي هي : الإباحة والكراهة ، والحظر والندب والوجوب إذا علمت ذلك . فإنه حينئذ ( يرجح على إباحة وكراهة وندب : حظر ) يعني أنه يرجح ما مدلوله الحظر على ما مدلوله الإباحة ; لأن فعل الحظر يستلزم مفسدة ، بخلاف الإباحة ، لأنه لا يتعلق بفعلها ، ولا تركها مصلحة ، ولا مفسدة ، وهذا هو الصحيح ، وعليه 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد  وأصحابه 
 nindex.php?page=showalam&ids=15071والكرخي   nindex.php?page=showalam&ids=14330والرازي  ، وذكره 
الآمدي  عن الأكثر : لأنه أحوط ، واستدل بتحريم متولد بين مأكول وغيره . وقال 
ابن حمدان  وجمع : ترجح الإباحة على  
[ ص: 651 ] الحظر ، وقيل : يستويان . ويسقطان ويرجح أيضا ما مدلوله الحظر على ما مدلوله الكراهة ; لقوله صلى الله عليه وسلم { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=46861ما اجتمع الحلال والحرام إلا غلب الحرام   } لأنه أحوط ويرجح أيضا ما مدلوله الحظر على ما مدلوله الندب ; لأن الندب لتحصيل المصلحة والحظر لدفع المفسدة ، ودفع المفسدة أهم من تحصيل المصلحة في نظر العقلاء . 
ويرجح أيضا : الحظر على الوجوب . قال 
ابن مفلح  لأن إفضاء ، الحرمة إلى مقصودها أتم ، لحصوله بالترك . فصده أولى ، بخلاف الواجب ( وعلى إباحة ندب ) يعني : أنه يرجح ما مدلوله الندب على ما مدلوله الإباحة عند الأكثر ( وعليه وجوب ، وكراهة ) يعني : أنه يرجح ما مدلوله وجوب أو كراهة على ما مدلوله الندب ; لأن ترجيحهما عليه أحوط في العمل ( وعلى نفي : إثبات ) يعني : أنه يقدم ما مدلوله الإثبات على ما مدلوله النفي عند 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد   nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي  وأصحابهما . قال 
البرماوي    : يرجح عند الفقهاء . كدخوله صلى الله عليه وسلم 
البيت    . قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=115بلال    " صلى فيه " وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة    " لم يصل " وكذا 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  ، فأخذ بقول 
 nindex.php?page=showalam&ids=115بلال  ، وتسن الصلاة في البيت المشرف ( وإن استند النفي إلى علم بالعدم ) لعلمه بجهات إثباته ( فسواء ) أي : فيكون الإثبات والنفي في هذه الصورة سواء . 
قاله 
الفخر إسماعيل  ، وتبعه 
الطوفي  في مختصره ، وقال 
ابن مفلح    : إنه المراد ، ومعنى استناد النفي إلى علم بالعدم أن يقول الراوي " أعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصل في البيت ، لأني كنت معه فيه . ولم يغب عن نظري طرفة عين فيه . ولم أره صلى فيه " انتهى أو قال " أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يصل فيه " أو قال إنسان : أعلم أن فلانا لم يقتل زيدا ; لأني رأيت زيدا حيا بعد موت فلان ، فمثل هذا يقبل فيه النفي ، لاستناده إلى مدرك علمي ، فيستوي هو ، وإثبات المثبت ، فيتعارضان ويطلب المرجح من خارج . وكذا حكم : كل شهادة نافية استندت إلى علم بالنفي ، فإنها تعارض المثبتة . لأنهما في الحقيقة مثبتتان ; لأن إحداهما تثبت المشهود به والأخرى : تثبت العلم بعدمه . 
وكذا كل حكم للشهادة من غير معارض : تقبل في النفي إذا كان النفي محصورا . فقولهم : لا تقبل الشهادة بالنفي مرادهم : إذا لم تكن  
[ ص: 652 ] محصورة ، فإن كانت محصورة قبلت ، قاله الأصحاب وقد ذكر ذلك الأصحاب في الشهادة في الإعسار ، وفي حصر الإرث في فلان ، وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي  في الخلاف ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=11851وأبو الخطاب  في الانتصار ، في حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود  ليلة الجن : النفي أولى ، واختاره 
الآمدي    . ( وكذا ) أي : وكالنفي مع الإثبات في المدلولين ( العلتان ) يعني أنه إذا كانت إحدى العلتين مثبتة . والأخرى نافية : قدمت المثبتة . وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي  في الخلاف عن نفي صلاته على شهداء أحد : الزيادة معه هنا ; لأن الأصل غسل الميت والصلاة عليه ، ثم سواء .