صفحة جزء
( فصل ) ( ما عنه الذكر الحكمي ) أي المعنى الذي يعبر عنه بالكلام الخبري ، من إثبات أو نفي تخيله ، أو لفظ به ، فما عنه الذكر الحكمي : هو مفهوم الكلام الخبري . قال القاضي عضد الدين : الذكر الحكمي ينبئ عن أمر في نفسك من إثبات أو نفي ، وهو ما عنه الذكر الحكمي ، وإنما لم يجعل الحكم مورد القسمة [ ص: 22 ] لئلا يلزم خروج الوهم والشك عن مورد القسمة ، عند من منع مقارنتهما للحكم . وقال أيضا : إنما جعل المورد ما عنه الذكر الحكمي ، دون الاعتقاد أو الحكم ، ليتناول الشك والوهم مما لا اعتقاد ولا حكم للذهن فيه ( إما أن يحتمل متعلقه ) أي متعلق ما عنه الذكر الحكمي ، وهو النسبة الواقعة بين طرفي الخبر في الذهن ( النقيض بوجه ) من الوجوه ، سواء كان في الخارج ، أو عند الذاكر ، إما بتقديره بنفسه ، أو بتشكيك مشكك إياه ( أو لا ) يحتمل النقيض بوجه من الوجوه أصلا .

( والثاني ) وهو الذي لا يحتمل " النقيض بوجه هو ( العلم ، والأول ) وهو الذي يحتمل متعلقه النقيض ( إما أن يحتمله ) أي يحتمل النقيض ( عند الذاكر لو قدره ) أي : بتقدير الذاكر النقيض في نفسه ( أو لا ) يحتمل النقيض عند الذاكر لو قدره ( والثاني ) وهو الذي لا يحتمل متعلقه النقيض عند الذاكر لو قدره في نفسه هو ( لاعتقاد ) . ( فإن طابق ) هذا الاعتقاد لما في نفس الأمر ( ف ) هو اعتقاد ( صحيح ، وإلا ) أي وإن لم يكن الاعتقاد مطابقا لما في نفس الأمر ( ف ) هو اعتقاد ( فاسد ) ( والأول ) وهو الذي يحتمل النقيض عند الذاكر لو قدره ( الراجح منه ) وهو الذي يكون متعلقه راجحا عند الذاكر على احتمال النقيض ( ظن ) ويتفاوت الظن ، حتى يقال : غلبة الظن ( والمرجوح ) وهو المقابل للظن ( وهم ) ( والمساوي ) وهو الذي يتساوى متعلقه واحتمال نقيضه عند الذاكر ( شك ) .

إذا علم ذلك فالعلم قسيمه : الاعتقاد الصحيح والفاسد ، والظن قسيمه : الشك والوهم ، وأشار بقوله ( وقد علمت حدودها ) إلى أن ما عنه الذكر الحكمي ، الذي هو مورد القسمة ، لما قيد كل قسم منه بما يميزه عن غيره من الأقسام : كان ذلك حدا لكل واحد من الأقسام ; لأن الحد عند الأصوليين كل لفظ مركب يميز الماهية عن أغيارها ، سواء كان بالذاتيات أو بالعرضيات ، أو بالمركب منهما .

فيتفرع على ذلك أن يكون حد العلم ما عنه ذكر حكمي لا يحتمل متعلقه النقيض بوجه ، لا في الواقع ، ولا عند الذاكر ، ولا بالتشكيك ويكون حد الاعتقاد الصحيح : ما عنه ذكر حكمي لا يحتمل متعلقه النقيض عند الذاكر بتشكيك [ ص: 23 ] مشكك إياه ، ولا يحتمله عند الذاكر لو قدره : ويكون حد الاعتقاد الفاسد ما عنه ذكر حكمي لا يحتمل متعلقه النقيض عند الذاكر بتشكيك مشكك لا بتقدير الذاكر إياه ، مع كونه غير مطابق لما في نفس الأمر . والظن : ما عنه ذكر حكمي يحتمل متعلقه النقيض بتقديره مع كونه راجحا . والوهم : ما عنه ذكر حكمي يحتمل متعلقه النقيض بتقديره مع كونه مرجوحا . والشك : ما عنه ذكر حكمي يحتمل متعلقه النقيض مع تساوي طرفيه عند الذاكر .

التالي السابق


الخدمات العلمية