صفحة جزء
مسألة : قوله عليه السلام : { لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل } حمله أبو حنيفة على القضاء ، والنذر

. فقال أصحابنا : قوله : { لا صيام } نفي عام لا يسبق منه إلى الفهم إلا الصوم الأصلي الشرعي ، وهو الفرض ، والتطوع ، ثم التطوع غير مراد فلا يبقى إلا الفرض الذي هو ركن الدين ، وهو صوم رمضان ، وأما القضاء ، والنذر فيجب بأسباب عارضة ، ولا يتذكر بذكر الصوم مطلقا ، ولا يخطر بالبال بل يجري مجرى النوادر كالمكاتبة في مسألة النكاح ، وهذا فيه نظر ، إذ ليس ندور القضاء ، والنذر كندور المكاتبة ، وإن كان الفرض أسبق منه إلى الفهم ، [ ص: 202 ] فيحتاج مثل هذا التخصيص إلى دليل قوي ، فليس يظهر بطلانه كظهور بطلان التخصيص بالمكاتبة .

وعند هذا يعلم أن إخراج النادر قريب ، والقصر على النادر ممتنع ، وبينهما درجات متفاوتة في القرب ، والبعد لا تدخل تحت الحصر ولكل مسألة ذوق ، ويجب أن تفرد بنص خاص ، ويليق ذلك بالفروع ، ولم نذكر هذا القدر إلا لوقوع الأنس بجنس التصرف فيه ، والله أعلم . هذا تمام النظر في المجمل ، والمبين ، والظاهر ، والمؤول ، وهو نظر يتعلق بالألفاظ كلها ، والقسمان الباقيان نظر أخص فإنه نظر في الأمر ، والنهي خاصة ، وفي العموم ، والخصوص خاصة ; فلذلك قدمنا النظر في الأعم على النظر في الأخص .

التالي السابق


الخدمات العلمية