صفحة جزء
مسألة قول الصحابي : " نهى النبي عليه السلام عن كذا " كبيع الغرر ، ونكاح الشغار ، وغيره لا عموم له لأن الحجة في المحكي لا في قول الحاكي ، ولفظه ، وما رواه الصحابي من حكى النهي يحتمل أن يكون فعلا لا عموم له نهى عنه النبي عليه السلام ، ويحتمل أن يكون لفظا خاصا ، ويحتمل أن يكون لفظا عاما فإذا تعارضت الاحتمالات لم يكن إثبات العموم بالتوهم ; فإذا قال الصحابي : " نهي عن بيع الرطب بالتمر " فيحتمل أن يكون قد رأى شخصا باع رطبا بتمر فنهاه فقال الراوي ما قال ، ويحتمل أن يكون قد سمع الرسول عليه السلام ينهى عنه ، ويقول : " أنهاكم عن بيع الرطب بالتمر " ، ويحتمل أن يكون قد سئل عن واقعة معينة فنهى عنها فالتمسك بعموم هذا تمسك بتوهم العموم لا بلفظ عرف عمومه بالقطع ، وهذا على مذهب من يرى هذا حجة في أصل النهي .

وقد قال قوم : لا بد أن يحكي الصحابي قول الرسول ، ولفظه ، وإلا فربما سمع ما يعتقده نهيا باجتهاده ، ولا يكون نهيا ، فإن قوله : " لا تفعل " فيه خلاف أنه للنهي أم لا وكذلك في ألفاظ أخر . وكذلك إذا قال " نسخ " [ ص: 239 ] فلا يحتج به ما لم يقل " سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول نسخت آية كذا " لأنه ربما يرى ما ليس بنسخ نسخا ، وهذا قد ذكرناه في باب الإخبار ، وهو أصل السنة في القطب الثاني

التالي السابق


الخدمات العلمية