صفحة جزء
[ ص: 264 ] فصل :

[ فتاوى في أحكام الرضاع ]

{ وسألته صلى الله عليه وسلم عائشة أم المؤمنين فقالت ; إن أفلح أخا أبي القعيس استأذن علي ، وكانت امرأته أرضعتني ، فقال ائذني له إنه عمك } متفق عليه .

{ وسأله صلى الله عليه وسلم أعرابي فقال : إني كانت لي امرأة ، فتزوجت عليها أخرى ، فزعمت امرأتي الأولى أنها أرضعت امرأتي الحدثاء رضعة أو رضعتين ، فقال لا تحرم الإملاجة ولا الإملاجتان } ذكره مسلم .

{ وسألته سهلة بنت سهيل فقالت : إن سالما قد بلغ ما يبلغ الرجال ، وعقل ما عقلوا ، وإنه يدخل علينا ، وإني أظن أن في نفس أبي حذيفة من ذلك شيئا ، فقال أرضعيه تحرمي عليه ويذهب الذي في نفس أبي حذيفة فرجعت فقالت : إني قد أرضعته فذهب الذي في نفس أبي حذيفة } ، ذكره مسلم .

فأخذت طائفة من السلف بهذه الفتوى منهم عائشة ، ولم يأخذ بها أكثر أهل العلم ، وقدموا عليها أحاديث توقيت الرضاع المحرم بما قبل الفطام وبالصغر وبالحولين لوجوه ; أحدها : كثرتها وانفراد حديث سالم ، الثاني : أن جميع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم خلا عائشة رضي الله عنهن في شق المنع ، الثالث : أنه أحوط ، الرابع : أن رضاع الكبير لا ينبت لحما ولا ينشر عظما ، فلا تحصل به البعضية التي هي سبب التحريم ، الخامس : أنه يحتمل أن هذا كان مختصا بسالم وحده ، ولهذا لم يجئ ذلك إلا في قصته ، السادس : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على عائشة وعندها رجل قاعد ، فاشتد ذلك عليه وغضب ، فقالت : إنه أخي من الرضاعة ، فقال انظرن من إخوانكن من الرضاعة ، فإنما الرضاعة من المجاعة } متفق عليه واللفظ لمسلم ، وفي قصة سالم مسلك آخر ، وهو أن هذا كان موضع حاجة ; فإن سالما كان قد تبناه أبو حذيفة ورباه ، ولم يكن له منه ومن الدخول على أهله بد ، فإذا دعت الحاجة إلى مثل ذلك فالقول به مما يسوغ فيه الاجتهاد ، ولعل هذا المسلك أقوى المسالك ، وإليه كان شيخنا يجنح ، والله أعلم .

{ وسئل صلى الله عليه وسلم أن ينكح ابنة حمزة ، فقال لا تحل لي ; إنها ابنة أخي من الرضاعة ، ويحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب } ذكره مسلم .

{ وسأله صلى الله عليه وسلم عقبة بن الحارث فقال : تزوجت امرأة ، فجاءت أمة سوداء فقالت : أرضعتكما ، وهي كاذبة ; فأعرض عنه ، فقال : إنها كاذبة ، فقال كيف بها وقد زعمت بأنها [ ص: 265 ] أرضعتكما ؟ دعها عنك ففارقها وأنكحت غيره } ، ذكره مسلم وللدارقطني { دعها عنك فلا خير لك فيها } .

{ وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال : ما يذهب عني مذمة الرضاع ؟ فقال غرة عبد أو أمة } ذكره الترمذي وصححه ، والمذمة - بكسر الذال - من الذمام ، لا من الذم الذي هو نقيض المدح ، والمعنى أن للمرضعة على المرضع حقا وذماما فيذهبه عبد أو أمة فيعطيها إياه .

{ وسئل صلى الله عليه وسلم : ما الذي يجوز من الشهود في الرضاع ؟ فقال : رجل أو امرأة } ذكره أحمد .

التالي السابق


الخدمات العلمية