صفحة جزء
فصل [ ( 8 ) حكمة جعل نصاب السرقة ربع دينار ]

وأما تخصيص القطع بهذا القدر فلأنه لا بد من مقدار يجعل ضابطا لوجوب القطع ; إذ لا يمكن أن يقال : يقطع بسرقة فلس أو حبة حنطة أو تمرة ، ولا تأتي الشريعة بهذا ، وتنزه حكمة الله ورحمته وإحسانه عن ذلك ، فلا بد من ضابط ، وكانت الثلاثة دراهم أول مراتب الجمع ، وهي مقدار ربع دينار ، وقال إبراهيم النخعي وغيره من التابعين : كانوا لا يقطعون في الشيء التافه ; فإن عادة الناس التسامح في الشيء الحقير من أموالهم ، إذ لا يلحقهم ضرر بفقده ، وفي التقدير بثلاثة دراهم حكمة ظاهرة ; فإنها كفاية المقتصد في يومه له ولمن يمونه غالبا ، وقوت اليوم للرجل وأهله له خطر عند غالب الناس ; وفي الأثر المعروف : { من أصبح آمنا في سربه ، معافى في بدنه ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها }

التالي السابق


الخدمات العلمية