صفحة جزء
[ شرط الإفتاء عند الشافعي ]

وقال الشافعي فيما رواه عنه الخطيب في كتاب الفقيه والمتفقه له : لا يحل لأحد أن يفتي في دين الله إلا رجلا عارفا بكتاب الله بناسخه ومنسوخه ، ومحكمه ومتشابهه ، وتأويله وتنزيله ، ومكيه ومدنيه ، وما أريد به ، ويكون بعد ذلك بصيرا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبالناسخ والمنسوخ ، ويعرف من الحديث مثل ما عرف من القرآن ، ويكون بصيرا باللغة ، بصيرا بالشعر وما يحتاج إليه للسنة والقرآن ، ويستعمل هذا مع الإنصاف ، ويكون بعد هذا مشرفا على اختلاف أهل الأمصار ، وتكون له قريحة بعد هذا ، فإذا كان هكذا فله أن يتكلم ويفتي في الحلال والحرام ، وإذا لم يكن هكذا فليس له أن يفتي .

وقال صالح بن أحمد : قلت لأبي : ما تقول في الرجل يسأل عن الشيء فيجيب بما في الحديث وليس بعالم في الفقه ؟ فقال : ينبغي للرجل إذا حمل نفسه على الفتيا أن يكون عالما بالسنن ، عالما بوجوه القرآن ، عالما بالأسانيد الصحيحة ، وذكر الكلام المتقدم .

وقال علي بن شقيق : قيل لابن المبارك : متى يفتي الرجل ؟ قال : إذا كان عالما بالأثر ، بصيرا بالرأي .

وقيل ليحيى بن أكثم : متى يجب للرجل أن يفتي ؟ فقال : إذا كان بصيرا بالرأي بصيرا بالأثر .

قلت : يريدان بالرأي القياس الصحيح والمعاني والعلل الصحيحة التي علق الشارع بها الأحكام وجعلها مؤثرة فيها طردا وعكسا

التالي السابق


الخدمات العلمية