صفحة جزء
فصل :

[ الحكمة في الفرق بين المستحاضة والحائض ]

وأما قوله : " وحرم وطء الحائض لأجل الأذى ، وأباح وطء المستحاضة مع وجود الأذى ، وهما متساويان " فالمقدمة الأولى صادقة ، والثانية فيها إجمال ; فإن أريد أن أذى الاستحاضة مساو لأذى الحيض كذبت المقدمة ، وإن أريد أنه نوع آخر من الأذى لم يكن التفريق بينهما تفريقا بين المتساويين ، فبطل سؤاله على كلا التقديرين .

ومن حكمة الشارع تفريقه بينهما ; فإن أذى الحيض أعظم وأدوم وأضر من أذى الاستحاضة ، ودم الاستحاضة عرق ، وهو في الفرج بمنزله الرعاف في الأنف ، وخروجه [ ص: 103 ] مضر ، وانقطاعه دليل على الصحة ، ودم الحيض عكس ذلك ، ولا يستوي الدمان حقيقة ولا عرفا ولا حكما ولا سببا ; فمن كمال الشريعة تفريقها بين الدمين في الحكم كما افترقا في الحقيقة ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية