صفحة جزء
[ ليس قبول شهادة الشاهد تقليدا له ]

الوجه التاسع والخمسون : قولكم : " وقد أمر الله بقبول شهادة الشاهد ، وذلك تقليد له " فلو لم يكن في آفات التقليد غير هذا الاستدلال لكفى به بطلانا ، وهل قبلنا قول الشاهد إلا بنص كتاب ربنا وسنة نبينا وإجماع الأمة على قبول قوله ; فإن الله سبحانه نصبه حجة يحكم الحاكم بها كما يحكم بالإقرار ، وكذلك قول المقر أيضا حجة شرعية ، وقبوله تقليد له ، كما سميتم قبول شهادة الشاهد تقليدا ، فسموه ما شئتم فإن الله سبحانه أمرنا بالحكم بذلك ، وجعله دليلا على الأحكام ; فالحاكم بالشهادة والإقرار منفذ لأمر الله ورسوله ، ولو [ ص: 180 ] تركنا تقليد الشاهد لم يلزم به حكم ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقضي بالشاهد وبالإقرار ، وذلك حكم بنفس ما أنزل الله لا بالتقليد ; فالاستدلالة بذلك على التقليد المتضمن للإعراض عن الكتاب والسنة وأقوال الصحابة ، وتقديم آراء الرجال عليها ، وتقديم قول الرجل على من هو أعلم منه واطراح قول من عداه جملة ، من باب قلب الحقائق وانتكاس العقول والأفهام ، وبالجملة فنحن إذا قبلنا قول الشاهد لم نقبله لمجرد كونه شهد به ، بل لأن الله سبحانه أمرنا بقبول قوله ، فأنتم معاشر المقلدين إذا قبلتم قول من قلدتموه قبلتموه لمجرد كونه قاله أو لأن الله أمركم بقبول قوله وطرح قول من سواه .

التالي السابق


الخدمات العلمية