صفحة جزء
[ أمور قيل هي تقليد وليست به ]

فجوابه ما تقدم أن استدلالكم بهذا من باب المغاليط ، وليس هذا من التقليد المذموم على لسان السلف والخلف في شيء ، ونحن لم نرجع إلى أقوال هؤلاء لكونهم أخبروا بها ، بل لأن الله ورسوله أمر بقبول قولهم وجعله دليلا على ترتب الأحكام ; فإخبارهم بمنزلة الشهادة والإقرار ، فأين في هذا ما يسوغ التقليد في أحكام الدين والإعراض عن القرآن والسنن ونصب رجل بعينه ميزانا على كتاب الله وسنة رسوله ؟

الوجه الرابع والستون : قولكم : { أمر النبي صلى الله عليه وسلم عقبة بن الحارث أن يقلد المرأة التي أخبرته بأنها أرضعته وزوجته } فيا لله العجب فأنتم لا تقلدونها في ذلك ، ولو كانت إحدى أمهات المؤمنين ، ولا تأخذون بهذا الحديث ، وتتركونه تقليدا لمن قلدتموه دينكم ، وأي شيء في هذا مما يدل على التقليد في دين الله ؟ وهل هذا إلا بمنزلة قبول خبر المخبر عن أمر حسي يخبر به ، وبمنزلة قبول الشاهد ؟ وهل كان مفارقة عقبة لها تقليدا لتلك الأمة أو اتباعا لرسول الله حيث أمره بفراقها ؟ فمن بركة التقليد أنكم لا تأمرونه بفراقها ، وتقولون : هي زوجتك حلال وطؤها ، وأما نحن فمن حقوق الدليل علينا أن نأمر من وقعت له هذه الواقعة بمثل ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لعقبة بن الحارث سواء ، ولا نترك الحديث تقليدا لأحد .

التالي السابق


الخدمات العلمية