[ لا دية لمن اطلع على قوم فأتلفوا عينه ] 
المثال الثالث والأربعون : رد السنة الصحيحة الصريحة المحكمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال  
[ ص: 256 ]   { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=33573لو أن امرأ اطلع عليك بغير إذن فخذفته بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك جناح   } متفق عليه ، وفي أفراد 
 nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم    : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=35824من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقئوا عينه   } وفي الصحيحين من حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد    : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=13560اطلع رجل من جحر في حجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومعه مدرى يحك بها رأسه ، فقال : لو أعلم أنك تنظر لطعنت به في عينك ، إنما جعل الاستئذان من أجل النظر   } وفي صحيح 
 nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=9أنس    : " أن رجلا { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=22039اطلع من بعض حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام إليه بمشقص ، أو بمشاقص . 
قال : وكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يختله ليطعنه   } ، وفي سنن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي  بإسناد صحيح من حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة  عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=22474من اطلع على قوم بغير إذنهم فرموه فأصابوا عينه فلا دية له ولا قصاص   } فردت هذه السنن بأنها خلاف الأصول ; فإن الله إنما أباح قلع العين بالعين ، لا بجناية النظر ، ولهذا لو جنى عليه بلسانه لم يقطع ، ولو استمع عليه بإذنه لم يجز أن يقطع أذنه ، فيقال : بل هذه السنن من أعظم الأصول ; فما خالفهما فهو خلاف الأصول ، وقولكم : " إنما شرع الله سبحانه أخذ العين بالعين " فهذا حق في القصاص ، وأما العضو الجاني المتعدي الذي لا يمكن دفع ضرره وعدوانه إلا برميه ، فإن الآية لا تتناوله نفيا ولا إثباتا ، والسنة جاءت ببيان حكمه بيانا ابتدائيا لما سكت عنه القرآن ، لا مخالفا لما حكم به القرآن ، وهذا اسم آخر غير فقء العين قصاصا ، وغير دفع الصائل الذي يدفع بالأسهل فالأسهل ; إذ المقصود دفع ضرر صياله ، فإذا اندفع بالعصا لم يدفع بالسيف . 
وأما هذا المتعدي بالنظر المحرم الذي لا يمكن الاحتراز منه ، فإنه إنما يقع على وجه الاختفاء والختل ; فهو قسم آخر غير الجاني وغير الصائل الذي لم يتحقق عدوانه ، ولا يقع هذا غالبا إلا على وجه الاختفاء وعدم مشاهدة غير الناظر إليه ; فلو كلف المنظور إليه إقامة البينة على جنايته لتعذرت عليه ، ولو أمر بدفعه بالأسهل فالأسهل ذهبت جناية عدوانه بالنظر إليه وإلى حريمه هدرا ، والشريعة الكاملة تأبى هذا وهذا ; فكان أحسن ما يمكن وأصلحه وأكفه لنا وللجاني ما جاءت به السنة التي لا معارض لها ولا دافع لصحتها من حذف ما هنالك ، وإن لم يكن هناك بصر عاد لم يضر خذف الحصاة ، وإن كان هنالك بصر عاد لا يلومن إلا نفسه ; فهو الذي عرضه صاحبه للتلف ، فأدناه إلى الهلاك ، والخاذف ليس بظالم له ، والناظر خائن ظالم ، والشريعة أكمل وأجل من أن تضيع حق هذا الذي قد هتكت حرمته وتحيله في الانتصار على التعزير بعد إقامة البينة ; فحكم الله فيه بما شرعه على لسان رسوله ، { 
ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون   } .