صفحة جزء
[ التنفل بعد الإقامة للصلاة المكتوبة ]

المثال الرابع والخمسون : رد السنة الصحيحة الصريحة أنه لا يجوز التنفل إذا أقيمت صلاة الفرض كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة } وقال الإمام أحمد في روايته : { إلا التي أقيمت } وفي الصحيحين عن عبد الله بن مالك بن بحينة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا وقد أقيمت الصلاة يصلي ركعتين ، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم لاث به الناس وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصبح أربعا ؟ الصبح أربعا ؟ } وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن سرجس قال : { دخل رجل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح ، فصلى ركعتين قبل أن يصل إلى الصف ، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : يا فلان بأي صلاتيك اعتددت ؟ بالتي صليت وحدك أو بالتي صليت معنا ؟ } وفي الصحيحين { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل ، فكلمه بشيء لا ندري ما هو ، فلما انصرف أحطنا به نقول : ماذا قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : قال لي : يوشك أن يصلي أحدكم الصبح أربعا } وعند مسلم : { أقيمت صلاة الصبح ، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي والمؤذن يقيم الصلاة ، فقال : أتصلي الصبح أربعا ؟ } وقال أبو داود الطيالسي في مسنده : ثنا أبو عامر الخراز عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس قال : { كنت أصلي وأخذ المؤذن في الإقامة ، فجذبني النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أتصلي الصبح أربعا } وكان عمر بن الخطاب إذا رأى رجلا يصلي وهو يسمع الإقامة ضربه .

وقال حماد بن سلمة : عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أنه أبصر رجلا يصلي الركعتين والمؤذن يقيم ، فحصبه وقال : أتصلي الصبح أربعا ؟ فردت هذه السنن كلها بما رواه حجاج بن نصير المتروك عن عباد بن كثير الهالك عن ليث عن عطاء عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة } وزاد : { إلا ركعتي الصبح } فهذه الزيادة كاسمها زيادة في الحديث لا أصل لها . [ ص: 271 ] فإن قيل : فقد كان أبو الدرداء يدخل المسجد والناس صفوف في صلاة الفجر فيصلي الركعتين في ناحية المسجد ، ثم يدخل مع القوم في الصلاة ، وكان ابن مسعود يخرج من داره لصلاة الفجر ثم يأتي الصلاة فيصلي ركعتين في ناحية المسجد ثم يدخل معهم في الصلاة . قيل : عمر بن الخطاب وابنه عبد الله في مقابلة أبي الدرداء وابن مسعود ، والسنة سالمة لا معارض لها ، ومعها أصح قياس يكون ; فإن وقتها يضيق بالإقامة فلم يقبل غيرها بحيث لا يجوز لمن حضر أن يؤخرها ويصليها بعد ذلك ، والله الموفق .

التالي السابق


الخدمات العلمية