صفحة جزء
[ وقت العصر ]

المثال الخامس والستون : رد السنة الصريحة المحكمة الثابتة في وقت العصر ، وأنه إذا صار ظل كل شيء مثله ، وأنهم كانوا يصلونها مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يذهب أحدهم إلى العوالي قدر أربعة أميال والشمس مرتفعة ، وقال أنس : { صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر ، فأتاه رجل من بني سلمة فقال : يا رسول الله إنا نريد أن ننحر جزورا لنا ، وإنا نحب أن تحضرها ، قال : نعم ، فانطلق وانطلقنا معه ، فوجد الجزور لم تنحر ، فنحرت ثم قطعت ثم طبخ منها ثم أكلنا منها قبل أن تغيب الشمس } ، ومحال أن يكون هذا بعد المثلين ; وفي صحيح مسلم عنه : { وقت صلاة الظهر ما لم تحضر العصر } ولا معارض لهذه السنن ، لا في الصحة ولا في الصراحة والبيان ، فردت هذه السنن بالمجمل من قوله صلى الله عليه وسلم : { مثلكم ومثل أهل الكتاب قبلكم كمثل رجل استأجر أجراء فقال : من يعمل لي إلى نصف النهار على قيراط ؟ فعملت اليهود ، ثم قال : من يعمل لي إلى صلاة العصر على قيراط ؟ فعملت النصارى ، ثم قال : من يعمل لي إلى أن تغيب الشمس على قيراطين ، فعملتم أنتم ، فغضبت اليهود والنصارى ، وقالوا : نحن أكثر عملا وأقل أجرا ، فقال : هل ظلمتكم من أجركم شيئا ؟ قالوا : لا ، قال : فذلكم فضلي أوتيه من أشاء } ويا لله العجب ، أي دلالة في هذا على أنه لا يدخل وقت العصر حتى يصير الظل مثلين بنوع من أنواع الدلالة ؟ وإنما يدل على أن صلاة العصر إلى غروب الشمس أقصر من نصف النهار إلى وقت العصر ، وهذا لا ريب فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية