صفحة جزء
فصل [ أول من وقع عن الله هو الرسول ] وأول من قام بهذا المنصب الشريف سيد المرسلين ، وإمام المتقين ، وخاتم النبيين ، عبد الله ورسوله ، وأمينه على وحيه ، وسفيره بينه وبين عباده ; فكان يفتي عن الله بوحيه المبين ، وكان كما قال له أحكم الحاكمين : { قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين } فكانت فتاويه صلى الله عليه وسلم جوامع الأحكام ، ومشتملة على فصل الخطاب ، وهي في وجوب اتباعها وتحكيمها والتحاكم إليها ثانية الكتاب ، وليس لأحد من المسلمين العدول عنها ما وجد إليها سبيلا ، وقد أمر الله عباده بالرد إليها حيث يقول : { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا } .

فصل [ الأصحاب رضي الله عنهم ] ثم قام بالفتوى بعده برك الإسلام وعصابة الإيمان ، وعسكر القرآن ، وجند [ ص: 10 ] الرحمن ، أولئك أصحابه صلى الله عليه وسلم ، ألين الأمة قلوبا ، وأعمقها علما ، وأقلها تكلفا ، وأحسنها بيانا ، وأصدقها إيمانا ، وأعمها نصيحة ، وأقربها إلى الله وسيلة ، وكانوا بين مكثر منها ومقل ومتوسط .

[ المكثرون من الصحابة ]

والذين حفظت عنهم الفتوى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة ونيف وثلاثون نفسا ، ما بين رجل وامرأة ، وكان المكثرون منهم سبعة : عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وعبد الله بن مسعود ، وعائشة أم المؤمنين ، وزيد بن ثابت ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن عمر .

وقال أبو محمد بن حزم : ويمكن أن يجمع من فتوى كل واحد منهم سفر ضخم قال : وقد جمع أبو بكر محمد بن موسى بن يعقوب بن أمير المؤمنين المأمون فتيا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في عشرين كتابا وأبو بكر محمد المذكور أحد أئمة الإسلام في العلم والحديث .

[ المتوسطون في الفتيا منهم ]

قال أبو محمد : والمتوسطون منهم فيما روي عنهم من الفتيا : أبو بكر الصديق ، وأم سلمة ، وأنس بن مالك ، وأبو سعيد الخدري ، وأبو هريرة ، وعثمان بن عفان ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وعبد الله بن الزبير ، وأبو موسى الأشعري ، وسعد بن أبي وقاص ، وسلمان الفارسي ، وجابر بن عبد الله ، ومعاذ بن جبل ; فهؤلاء ثلاثة عشر يمكن أن يجمع من فتيا كل واحد منهم جزء صغير جدا ، ويضاف إليهم : طلحة ، والزبير ، وعبد الرحمن بن عوف ، وعمران بن حصين ، وأبو بكرة ، وعبادة بن الصامت ، ومعاوية بن أبي سفيان .

[ المقلون ]

والباقون منهم مقلون في الفتيا ، لا يروى عن الواحد منهم إلا المسألة والمسألتان ، والزيادة اليسيرة على ذلك يمكن أن يجمع من فتيا جميعهم جزء صغير فقط بعد التقصي والبحث ، وهم : أبو الدرداء ، وأبو اليسر ، وأبو سلمة المخزومي ، وأبو عبيدة بن الجراح ، وسعيد بن زيد ، والحسن والحسين ابنا علي ، والنعمان بن بشير ، وأبو مسعود ، وأبي بن كعب ، وأبو أيوب ، وأبو طلحة ، وأبو ذر ، وأم عطية ، وصفية أم المؤمنين ، وحفصة ، وأم حبيبة ، وأسامة بن زيد ، وجعفر بن أبي طالب ، والبراء بن عازب ، وقرظة بن كعب ، ونافع أخو أبي بكرة لأمه ، والمقداد بن الأسود ، وأبو السنابل ، والجارود ، والعبدي ، وليلى بنت قانف [ ص: 11 ] وأبو محذورة ، وأبو شريح الكعبي ، وأبو برزة الأسلمي ، وأسماء بنت أبي بكر ، وأم شريك والحولاء بنت تويت ، وأسيد بن الحضير ، والضحاك بن قيس ، وحبيب بن مسلمة ، وعبد الله بن أنيس ، وحذيفة بن اليمان ، وثمامة بن أثال ، وعمار بن ياسر ، وعمرو بن العاص ، وأبو الغادية السلمي ، وأم الدرداء الكبرى ، والضحاك بن خليفة المازني ، والحكم بن عمرو الغفاري ، ووابصة بن معبد الأسدي ، وعبد الله بن جعفر البرمكي ، وعوف بن مالك وعدي بن حاتم ، وعبد الله بن أوفى ، وعبد الله بن سلام ، وعمرو بن عبسة ، وعتاب بن أسيد ، وعثمان بن أبي العاص ، وعبد الله بن سرجس ، وعبد الله بن رواحة ، وعقيل بن أبي طالب ، وعائذ بن عمرو ، وأبو قتادة عبد الله بن معمر العدوي ، وعمي بن سعلة ، وعبد الله بن أبي بكر الصديق ، وعبد الرحمن أخوه ، وعاتكة بنت زيد بن عمرو ، وعبد الله بن عوف الزهري ، وسعد بن معاذ ، وسعد بن عبادة ، وأبو منيب ، وقيس بن سعد ، وعبد الرحمن بن سهل ، وسمرة بن جندب

وسهل بن سعد الساعدي ، وعمرو بن مقرن ، وسويد بن مقرن ، ومعاوية بن الحكم ، وسهلة بنت سهيل ، وأبو حذيفة بن عتبة ، وسلمة بن الأكوع ، وزيد بن أرقم ، وجرير بن عبد الله البجلي ، وجابر بن سلمة ، وجويرية أم المؤمنين ، وحسان بن ثابت ، وحبيب بن عدي ، وقدامة بن مظعون ، وعثمان بن مظعون ، وميمونة أم المؤمنين ، ومالك بن الحويرث ، وأبو أمامة الباهلي ، ومحمد بن مسلمة ، وخباب بن الأرت ، وخالد بن الوليد ، وضمرة بن الفيض ، وطارق بن شهاب ، وظهير بن رافع ، ورافع بن خديج ، وسيدة نساء العالمين فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وفاطمة بنت قيس

وهشام بن حكيم بن حزام ، وأبوه حكيم بن حزام ، وشرحبيل بن السمط ، وأم سلمة ، ودحية بن خليفة الكلبي ، وثابت بن قيس بن الشماس وثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والمغيرة بن شعبة ، وبريدة بن الحصيب الأسلمي ، ورويفع بن ثابت ، وأبو حميد ، وأبو أسيد ، وفضالة بن عبيد .

وأبو محمد روينا عنه وجوب الوتر قلت : أبو محمد هو - مسعود بن أوس الأنصاري نجاري بدري - وزينب بنت أم سلمة ، وعتبة بن مسعود ، وبلال المؤذن ، وعروة بن الحارث ، وسياه بن روح أو روح بن سياه ، وأبو سعيد المعلى ، والعباس بن عبد المطلب ، وبشر بن أرطاة ، وصهيب بن سنان ، وأم أيمن ، وأم يوسف ، والغامدية ، وماعز ، وأبو عبد الله البصري .

فهؤلاء من نقلت عنهم الفتوى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما أدري بأي طريق عد معهم أبو محمد الغامدية وماعزا ، ولعله تخيل أن إقدامهما على جواز الإقرار بالزنا من غير [ ص: 12 ] استئذان لرسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك هو فتوى لأنفسهما بجواز الإقرار ، وقد أقرا عليها ، فإن كان تخيل هذا فما أبعده من خيال ، أو لعله ظفر عنهما بفتوى في شيء من الأحكام .

فصل [ الصحابة سادة أهل الفتوى ]

وكما أن الصحابة سادة الأمة وأئمتها وقادتها فهم سادات المفتين والعلماء .

قال الليث عن مجاهد : العلماء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، وقال سعيد عن قتادة في قوله تعالى : { ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق } قال : أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، وقال يزيد بن عمير : لما حضر معاذ بن جبل الموت قيل : يا أبا عبد الرحمن أوصنا ، قال أجلسوني ، إن العلم والإيمان مكانهما من ابتغاهما وجدهما ، يقول ذلك ثلاث مرات ، التمس العلم عند أربعة رهط : عند عويمر بن أبي الدرداء ، وعند سلمان الفارسي ، وعند عبد الله بن مسعود ، وعند عبد الله بن سلام .

وقال مالك بن يخامر : لما حضرت معاذا الوفاة بكيت ، فقال ما يبكيك ؟ قلت : والله ما أبكي على دنيا كنت أصيبها منك ، ولكن أبكي على العلم والإيمان اللذين كنت أتعلمهما منك ، فقال : إن العلم والإيمان مكانهما ، من ابتغاهما وجدهما ، اطلب العلم عند أربعة ، فذكر هؤلاء الأربعة ، ثم قال : فإن عجز عنه هؤلاء فسائر أهل الأرض عنه أعجز ، فعليك بمعلم إبراهيم ، قال : فما نزلت بي مسألة عجزت عنها إلا قلت : يا معلم إبراهيم .

وقال أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي إسحاق ، قال : قال عبد الله : علماء الأرض ثلاثة ، فرجل بالشام ، وآخر بالكوفة ، وآخر بالمدينة ، فأما هذان فيسألان الذي بالمدينة ، والذي بالمدينة لا يسألهما عن شيء .

وقال الشعبي : ثلاثة يستفتي بعضهم من بعض : فكان عمر وعبد الله وزيد بن ثابت يستفتي بعضهم من بعض ، وكان علي وأبي بن كعب وأبو موسى الأشعري يستفتي بعضهم من بعض ، قال الشيباني : فقلت للشعبي : وكان أبو موسى بذاك ؟ فقال : ما كان أعلمه ، قلت : فأين معاذ ؟ فقال : هلك قبل ذلك .

وقال أبو البختري : قيل لعلي بن أبي طالب : حدثنا عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، [ ص: 13 ] قال : عن أيهم ؟ قال : عن عبد الله بن مسعود ، قال : قرأ القرآن ، وعلم السنة ، ثم انتهى ، وكفاه بذلك ; قال : فحدثنا عن حذيفة ; قال : أعلم أصحاب محمد بالمنافقين ، قالوا : فأبو ذر ، قال : كنيف مليء علما عجز فيه ، قالوا : فعمار ، قال : مؤمن نسي إذا ذكرته ذكر ، خلط الله الإيمان بلحمه ودمه ، ليس للنار فيه نصيب ، قالوا : فأبو موسى ، قال : صبغ في العلم صبغة ، قالوا : فسلمان ، قال : علم العلم الأول والآخر ، بحر لا ينزح ، منا أهل البيت ، قالوا : فحدثنا عن نفسك يا أمير المؤمنين ، قال : إياها أردتم ، كنت إذا سئلت أعطيت ، وإذا سكت ابتديت وقال مسلم عن مسروق : شاممت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ; فوجدت علمهم ينتهي إلى ستة : إلى علي ، وعبد الله ، وعمر ، وزيد بن ثابت ، وأبي الدرداء ، وأبي بن كعب ، ثم شاممت الستة فوجدت علمهم انتهى إلى علي وعبد الله .

وقال مسروق أيضا : جالست أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فكانوا كالإخاذ : الإخاذة تروي الراكب ، والإخاذة تروي الراكبين والإخاذة تروي العشرة ، والإخاذة لو نزل بها أهل الأرض لأصدرتهم ، وإن عبد الله من تلك الإخاذ .

وقال الشعبي : إذا اختلف الناس في شيء فخذوا بما قال عمر وقال ابن مسعود : إني لأحسب عمر ذهب بتسعة أعشار العلم وقال أيضا : لو أن علم عمر وضع في كفة الميزان ووضع علم أهل الأرض في كفة لرجح علم عمر .

وقال حذيفة : كأن علم الناس مع علم عمر دس في حجر .

وقال الشعبي : قضاة هذه الأمة : عمر ، وعلي ، وزيد ، وأبو موسى .

وقال سعيد بن المسيب : كان عمر يتعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو حسن { وشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود بأنه عليم معلم } ، وبدأ به في قوله : { خذوا [ ص: 14 ] القرآن من أربعة : من ابن أم عبد ، ومن أبي بن كعب ، ومن سالم مولى أبي حذيفة ، ومن معاذ بن جبل } ولما ورد أهل الكوفة على عمر أجازهم ، وفضل أهل الشام عليهم في الجائزة ، فقالوا : يا أمير المؤمنين تفضل أهل الشام علينا ؟ فقال : يا أهل الكوفة أجزعتم أن فضلت أهل الشام عليكم لبعد شقتهم وقد آثرتكم بابن أم عبد ؟ .

وقال عقبة بن عمرو : ما أرى أحدا أعلم بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم من عبد الله ، فقال أبو موسى : إن تقل ذلك فإنه كان يسمع حين لا نسمع ، ويدخل حين لا ندخل وقال عبد الله : ما أنزلت سورة إلا وأنا أعلم فيم أنزلت ، ولو أني أعلم أن رجلا أعلم بكتاب الله مني تبلغه الإبل لأتيته

وقال زيد بن وهب : كنت جالسا عند عمر فأقبل عبد الله فدنا منه ، فأكب عليه وكلمه بشيء ، ثم انصرف ، فقال عمر : كنيف مليء علما .

وقال الأعمش عن إبراهيم : إنه كان لا يعدل بقول عمر وعبد الله إذا اجتمعا ، فإذا اختلفا كان قول عبد الله أعجب إليه ; لأنه كان ألطف وقال أبو موسى : لمجلس كنت أجالسه عبد الله أوثق في نفسي من عمل سنة

وقال عبد الله بن بريدة في قوله تعالى : { حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا } قال : هو عبد الله بن مسعود وقيل لمسروق : كانت عائشة تحسن الفرائض ؟ قال : والله لقد رأيت الأحبار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونها عن الفرائض .

وقال أبو موسى : ما أشكل علينا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حديث قط فسألناه عائشة إلا وجدنا عندها منه علما وقال ابن سيرين : كانوا يرون أن أعلمهم بالمناسك عثمان بن عفان ، ثم ابن عمر بعده .

وقال شهر بن حوشب : كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا تحدثوا وفيهم معاذ نظروا إليه هيبة له [ ص: 15 ] وقال : علي : أبو ذر أوعى علما ثم أوكى عليه فلم يخرج منه شيئا حتى قبض .

وقال مسروق : قدمت المدينة فوجدت زيد بن ثابت من الراسخين في العلم وقال الجريري عن أبي تميمة : قدمنا الشام فإذا الناس مجتمعون يطيفون برجل ، قال : قلت : من هذا ؟ قالوا : هذا أفقه من بقي من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، هذا عمرو البكالي .

وقال سعيد : قال ابن عباس وهو قائم على قبر زيد بن ثابت : هكذا يذهب العلم وكان ميمون بن مهران إذا ذكر ابن عباس وابن عمر عنده يقول : ابن عمر أورعهما ، وابن عباس أعلمهما وقال أيضا : ما رأيت أفقه من ابن عمر ، ولا أعلم من ابن عباس .

وكان ابن سيرين يقول : " اللهم أبقني ما أبقيت ابن عمر أقتدي به " .

{ وقال ابن عباس : ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : اللهم علمه الحكمة وقال أيضا : دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح على ناصيتي ، وقال : اللهم علمه الحكمة وتأويل الكتاب } ولما مات ابن عباس قال محمد بن الحنفية : مات رباني هذه الأمة .

وقال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة : ما رأيت أحدا أعلم بالسنة ، ولا أجلد رأيا ، ولا أثقب نظرا حين ينظر مثل ابن عباس ، وإن كان عمر بن الخطاب ليقول له : قد طرأت علينا عضل أقضية أنت لها ولأمثالها .

وقال عطاء بن أبي رباح : ما رأيت مجلسا قط أكرم من مجلس ابن عباس أكثر فقها وأعظم ، إن أصحاب الفقه عنده أصحاب القرآن وأصحاب الشعر عنده يصدرهم كلهم في واد واسع .

وقال ابن عباس : كان عمر بن الخطاب يسألني مع الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقال ابن مسعود : لو أن ابن عباس أدرك أسناننا ما عسره منا رجل .

وقال مكحول : قيل لابن عباس : أنى أصبت هذا العلم ؟ قال : بلسان سئول وقلب عقول .

وقال مجاهد : كان ابن عباس يسمى البحر من كثرة علمه [ ص: 16 ]

وقال طاوس : أدركت نحوا من خمسين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر ابن عباس شيئا فخالفوه لم يزل بهم حتى يقررهم .

وقيل لطاوس : أدركت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ثم انقطعت إلى ابن عباس ، فقال : أدركت سبعين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا تدارءوا في شيء انتهوا إلى قول ابن عباس .

وقال ابن أبي نجيح : كان أصحاب ابن عباس يقولون : ابن عباس أعلم من عمر ومن علي ومن عبد الله ، ويعدون ناسا ، فيثب عليهم الناس ، فيقولون : لا تعجلوا علينا ، إنه لم يكن أحد من هؤلاء إلا وعنده من العلم ما ليس عند صاحبه ، وكان ابن عباس قد جمعه كله .

وقال الأعمش : كان ابن عباس إذا رأيته قلت : أجمل الناس فإذا تكلم قلت : أفصح الناس ، فإذا حدث قلت : أعلم الناس .

وقال مجاهد : كان ابن عباس إذا فسر الشيء رأيت عليه النور .

فصل .

[ عمر بن الخطاب ]

قال الشعبي : من سره أن يأخذ بالوثيقة في القضاء فيأخذ بقول عمر .

وقال مجاهد : إذا اختلف الناس في شيء فانظروا ما صنع عمر فخذوا به .

وقال ابن المسيب : ما أعلم أحدا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم من عمر بن الخطاب وقال أيضا : كان عبد الله يقول : لو سلك الناس واديا وشعبا وسلك عمر واديا وشعبا لسلكت وادي عمر وشعبه .

وقال بعض التابعين : دفعت إلى عمر فإذا الفقهاء عنده مثل الصبيان ، قد استعلى عليهم في فقهه وعلمه وقال محمد بن جرير : لم يكن أحد له أصحاب معروفون حرروا فتياه ومذاهبه في الفقه غير ابن مسعود ، وكان يترك مذهبه وقوله لقول عمر ، وكان لا يكاد يخالفه في شيء من مذاهبه ، ويرجع من قوله إلى قوله .

وقال الشعبي : كان عبد الله لا يقنت ، وقال : ولو قنت عمر لقنت عبد الله [ ص: 17 ]

فصل :

[ عثمان بن عفان ]

وكان من المفتين عثمان بن عفان ، قال ابن جرير : غير أنه لم يكن له أصحاب يعرفون ، والمبلغون عن عمر فتياه ومذاهبه وأحكامه في الدين بعده كانوا أكثر من المبلغين عن عثمان والمؤدين عنه .

[ علي بن أبي طالب ]

وأما علي بن أبي طالب عليه السلام فانتشرت أحكامه وفتاويه ، ولكن قاتل الله الشيعة فإنهم أفسدوا كثيرا من علمه بالكذب عليه ، ولهذا تجد أصحاب الحديث من أهل الصحيح لا يعتمدون من حديثه وفتواه إلا ما كان من طريق أهل بيته وأصحاب عبد الله بن مسعود كعبيدة السلماني وشريح وأبي وائل ونحوهم ، وكان رضي الله عنه وكرم وجهه يشكو عدم حملة العلم الذي أودعه كما قال : إن ههنا علما لو أصبت له حملة

التالي السابق


الخدمات العلمية