صفحة جزء
[ حيلة في عدم سقوط نفقة القريب بمضي الزمان ]

المثال السابع والثلاثون : إذا تحيل المكار المخادع على سقوط نفقة القريب بالمماطلة وقال : إنها تسقط بمضي الزمان فلا يبقى دينا علي ، فتركها آمنا من إلزامه بها لما مضى ، فالحيلة للمنفق عليه أن يرفعه إلى الحاكم ليفرضها عليه ، ثم يستأذنه في الاستدانة عليه بقدرها ، فإذا فعل ألزمه الحاكم بقضاء ما استدانه المنفق عليه ، فإن فرضها عليه ولم يستأذنه في الاستدانة ومضى الزمان فهل تستقر عليه بذلك ؟ فيه وجهان لأصحاب الشافعي ، والأكثرون منهم صرحوا بسقوطها مطلقا فرضت أو لم تفرض ، ومنهم من قال : إن فرضت لم تسقط ، فإن لم يمكنه الرفع إلى الحاكم فليقل له : اشفع لي إلى فلان لينفق علي أو يعطيني ما أحتاج إليه ، فإذا فعل فقد لزم الشافع ; لأن ذلك حق أداه إلى المشفوع عنده عن الشفيع بإذنه ، فإن أنفق عليه الغير بغير إذنه ناويا للرجوع فله الرجوع في أصح المذهبين ، وهو مذهب مالك وأحمد في إحدى الروايتين .

وهكذا كل من أدى عن غيره واجبا بغير إذنه بشرط أن يكون واجبا على المنصوص من مذهب مالك وأحمد ، فإن أحمد نص في رواية الجوزجاني على رجوع من عمر قناة غيره بغير إذنه ، وهو مذهب مالك ، ولو أن القريب استدان وأنفق على نفسه ثم أحال بالدين على من تلزمه نفقته لزمه أن يقوم له به ; لأنه أحال على من له عليه حق ، ولا يقال : قد سقطت بمضي الزمان فلم تصادف الحوالة محلا ; لأنها إنما تسقط بمضي الزمان إذا لم يكن المنفق عليه قد استدان على المنفق ، بل تبرع له غيره أو تكلف أو صبر ، فأما إذا استدان عليه بقدر نفقته الواجبة عليه فهنا لا وجه لسقوطها ، وإن كان الأصحاب وغيرهم قد أطلقوا السقوط فتعليلهم يدل على ما قلناه ، فتأمله

التالي السابق


الخدمات العلمية