صفحة جزء
فصل [ من صارت إليه الفتوى من التابعين ]

ثم صارت الفتوى في أصحاب هؤلاء كسعيد بن المسيب راوية عمر وحامل علمه ، قال جعفر بن ربيعة : قلت لعراك بن مالك : من أفقه أهل المدينة ؟ قال : أما أفقههم فقها وأعلمهم بقضايا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقضايا أبي بكر وقضايا عمر وقضايا عثمان وأعلمهم بما مضى عليه الناس فسعيد بن المسيب ; وأما أغزرهم حديثا فعروة بن الزبير ، ولا تشاء أن تفجر من عبيد الله بحرا إلا فجرته قال عراك : وأفقههم عندي ابن شهاب ; لأنه جمع علمهم إلى علمه .

وقال الزهري : كنت أطلب العلم من ثلاثة : سعيد بن المسيب وكان أفقه الناس ، وعروة بن الزبير وكان بحرا لا تكدره الدلاء ، وكنت لا تشاء أن تجد عند عبيد الله طريقة من علم لا تجدها عند غيره إلا وجدت .

وقال الأعمش : فقهاء المدينة أربعة : سعيد بن المسيب ، وعروة ، وقبيصة ، وعبد الملك .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : لما مات العبادلة - عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن عمرو بن العاص - ; صار الفقه في جميع البلدان إلى الموالي ; فكان فقيه أهل مكة عطاء بن أبي رباح ، وفقيه أهل اليمن طاوس ، وفقيه أهل اليمامة يحيى بن أبي كثير ، وفقيه أهل الكوفة إبراهيم ، وفقيه أهل البصرة الحسن ، وفقيه أهل الشام مكحول ، وفقيه أهل خراسان عطاء الخراساني ، إلا المدينة فإن الله خصها بقرشي ، فكان فقيه أهل المدينة سعيد بن المسيب غير مدافع .

وقال مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال : مررت بعبد الله بن عمر ، فسلمت عليه ومضيت ، قال : فالتفت إلى أصحابه فقال : لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا لسره ، فرفع يديه جدا وأشار بيده إلى السماء . وكان سعيد بن المسيب صهر أبي هريرة ، زوجه أبو هريرة ابنته ، وكان إذا رآه قال : أسأل الله أن يجمع بيني وبينك في سوق الجنة ، ولهذا أكثر عنه من الرواية .

التالي السابق


الخدمات العلمية