[ ص: 120 ] فصل : 
[ أنواع الأسئلة ] 
ولنختم الكتاب بفوائد تتعلق بالفتوى . 
الفائدة الأولى : 
أسئلة السائلين لا تخرج عن أربعة أنواع لا خامس لها : 
الأول : أن يسأل عن الحكم فيقول ; ما حكم كذا وكذا . 
الثاني : أن يسأل عن دليل الحكم . 
الثالث : أن يسأل عن وجه دلالته . 
الرابع : أن يسأل عن الجواب عن معارضه . 
[ 
موقف المفتي أمام كل نوع من الأسئلة   ] 
فإن سأل عن الحكم فللمسئول حالتان ، إحداهما : أن يكون عالما به ، والثانية أن يكون جاهلا به ، فإن كان جاهلا به حرم عليه الإفتاء بلا علم ، فإن فعل فعليه إثمه وإثم المستفتي ، فإن كان يعرف في المسألة ما قاله الناس ولم يتبين له الصواب من أقوالهم فله أن يذكر له ذلك ، فيقول : فيها اختلاف بين العلماء ، ويحكيه إن أمكنه للسائل . 
وإن كان عالما بالحكم فللسائل حالتان ، إحداهما : أن يكون قد حضره وقت العمل وقد احتاج إلى السؤال ، فيجب على المفتي المبادرة على الفور إلى جوابه ، فلا يجوز له تأخير بيان الحكم له عن وقت الحاجة . 
والحالة الثانية : أن يكون قد سأل عن الحادثة قبل وقوعها ، فهذا لا يجب على المفتي أن يجيبه عنها ، وقد كان السلف الطيب إذا سئل أحدهم عن مسألة يقول للسائل : هل كانت أو وقعت ؟ فإن قال " لا " لم يجبه ، وقال : دعنا في عافية ; وهذا لأن الفتوى بالرأي لا تجوز إلا عند الضرورة ; فالضرورة تبيحه كما تبيح الميتة عند الاضطرار ، وهذا إنما هو في مسألة لا نص فيها ولا إجماع ، فإن كان فيها نص أو إجماع فعليه تبليغه بحسب الإمكان ، فمن سئل عن علم فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار ، هذا إذا أمن المفتي غائلة الفتوى ، فإن لم يأمن غائلتها وخاف من ترتب شر أكثر من الإمساك عنها أمسك عنها ، ترجيحا لدفع أعلى المفسدتين باحتمال أدناهما . 
وقد أمسك النبي صلى الله عليه وسلم عن نقض 
الكعبة  وإعادتها على قواعد 
إبراهيم    ; لأجل حدثان عهد 
قريش  بالإسلام وأن ذلك ربما نفرهم عنه بعد الدخول فيه ، وكذلك إن 
كان عقل السائل لا يحتمل الجواب عما سأل عنه ، وخاف المسئول أن يكون فتنة له ، أمسك عن جوابه ، قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  رضي الله عنه لرجل سأله عن تفسير آية : وما يؤمنك أني لو أخبرتك بتفسيرها كفرت به ؟ أي جحدته وأنكرته وكفرت به ، ولم يرد أنك تكفر بالله ورسوله .