صفحة جزء
[ للمفتي أن يفتي من لا تجوز شهادته له ] الفائدة السابعة والعشرون : يجوز للمفتي أن يفتي أباه وابنه وشريكه ومن لا تقبل شهادته له ، وإن لم يجز أن يشهد له ، ولا يقضي له ، والفرق بينهما أن الإفتاء يجري مجرى الرواية ، فكأنه حكم عام ، بخلاف الشهادة والحكم فإنه يخص المشهود له والمحكوم له ، ولهذا يدخل الراوي في حكم الحديث الذي يرويه ، ويدخل في حكم الفتوى التي يفتي بها ، ولكن لا يجوز له أن يحابي من يفتيه فيفتي أباه أو ابنه أو صديقه بشيء ويفتي غيرهم بضده محاباة ، بل هذا يقدح في عدالته ، إلا أن يكون ثم سبب يقتضي التخصيص غير المحاباة ، ومثال هذا : أن يكون في المسألة قولان قول بالمنع وقول بالإباحة ، فيفتي ابنه وصديقه بقول الإباحة والأجنبي بقول المنع .

[ ص: 162 ] فإن قيل : هل يجوز له أن يفتي نفسه ؟ .

قيل : نعم ، إذا كان له أن يفتي غيره ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : { استفت قلبك وإن أفتاك المفتون } فيجوز له أن يفتي نفسه بما يفتي غيره به ، ولا يجوز له أن يفتي نفسه بالرخصة وغيره بالمنع ، ولا يجوز له إذا كان في المسألة قولان قول بالجواز وقول بالمنع أن يختار لنفسه قول الجواز ولغيره قول المنع ، وسمعت شيخنا يقول : سمعت بعض الأمراء يقول عن بعض المفتين من أهل زمانه يكون عندهم في المسألة ثلاثة أقوال أحدها الجواز والثاني المنع والثالث التفصيل فالجواز لهم والمنع لغيرهم وعليه العمل .

التالي السابق


الخدمات العلمية