صفحة جزء
فصل .

ومنها قوله تعالى : { ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون } هذا مثل ضربه الله سبحانه للمشرك والموحد ; فالمشرك بمنزلة عبد يملكه جماعة متنازعون مختلفون متشاحون ، والرجل المتشاكس : الضيق الخلق ، فالمشرك ، لما كان يعبد آلهة شتى شبه بعبد يملكه جماعة متنافسون في خدمته ، لا يمكنه أن يبلغ رضاهم أجمعين ، والموحد لما كان يعبد الله وحده فمثله كمثل عبد لرجل واحد ، قد سلم له ، وعلم مقاصده ، وعرف [ ص: 144 ] الطريق إلى رضاه ، فهو في راحة من تشاحن الخلطاء فيه ، بل هو سالم لمالكه من غير تنازع فيه ، مع رأفة مالكه به ، ورحمته له ، وشفقته عليه ، وإحسانه إليه ، وتوليه لمصالحه ، فهل يستوي هذان العبدان ؟ وهذا من أبلغ الأمثال ; فإن الخالص لمالك واحد يستحق من معونته وإحسانه والتفاته إليه وقيامه بمصالحه ما لا يستحق صاحب الشركاء المتشاكسين الحمد لله ، بل أكثرهم لا يعلمون

التالي السابق


الخدمات العلمية