صفحة جزء
{ وسألته صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها عن الجارية ينكحها أهلها ، أتستأمر أم لا ؟ فقال نعم تستأمر قالت عائشة رضي الله عنها : فإنها تستحيي ، فقال صلى الله عليه وسلم فذاك إذنها إذا هي سكتت } متفق عليه .

وبهذه الفتوى نأخذ ، وأنه لا بد من استئمار البكر ، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم { الأيم أحق بنفسها من وليها ، والبكر تستأمر في نفسها ، وإذنها صماتها وفي لفظ والبكر يستأذنها أبوها في نفسها ، وإذنها صماتها } وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم { لا تنكح البكر حتى تستأذن قالوا : وكيف إذنها ؟ قال أن تسكت } .

{ وسألته صلى الله عليه وسلم جارية بكر ، فقالت : إن أباها زوجها وهي كارهة ، فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم ; فقد أمر باستئذان البكر ، ونهى عن إنكاحها بدون إذنها ، وخير صلى الله عليه وسلم من نكحت ، ولم تستأذن } ، فكيف بالعدول عن ذلك كله ومخالفته بمجرد مفهوم قوله { الأيم أحق بنفسها من وليها } ؟ كيف ومنطوقه صريح في أن هذا المفهوم الذي فهمه من قال [ ص: 261 ] تنكح بغير اختيارها غير مراد ؟ فإن قال عقيبه " والبكر تستأذن في نفسها " بل هذا احتراز منه صلى الله عليه وسلم من حمل كلامه على ذلك المفهوم كما هو المعتاد في خطابه كقوله { لا يقتل مسلم بكافر ، ولا ذو عهد في عهده } فإنه لما نفى قتل المسلم بالكافر أوهم ذلك إهدار دم الكافر ، وأنه لا حرمة له ، فرفع هذا الوهم بقوله { ولا ذو عهد في عهده } ولما كان الاقتصار على قوله : " ولا ذو عهد " يوهم أنه لا يقتل إذا ثبت له العهد من حيث الجملة رفع هذا الوهم بقوله " في عهده " وجعل ذلك قيدا لعصمة العهد فيه ، وهذا كثير في كلامه صلى الله عليه وسلم لمن تأمله ، كقوله { لا تجلسوا على القبور ، ولا تصلوا إليها } فإن نهيه عن الجلوس عليها لما كان ربما يوهم التعظيم المحذور رفعه بقوله : " ولا تصلوا إليها " والمقصود أن أمره باستئذان البكر ونهيه عن نكاحها بدون إذنها وتخييرها حيث لم تستأذن لا معارض له ; فيتعين القول به ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية