صفحة جزء
[ المراد بالثقة عند مالك والشافعي ] وقال القاضي أبو الطيب : إنما يقول الشافعي ذلك لبيان مذهبه ، وما وجب عليه مما صح عنده من الخبر ، ولم يذكره احتجاجا على غيره . وقيل : إنه قد كان أعلم أصحابه بذلك ، ولهذا قيل في بعضهم : إنه أحمد بن حنبل ، وفي بعضهم علي بن حسان ، وفي بعضهم ابن أبي فديك ، وسعيد بن سالم القداح وغيرهم ، وقيل : إنه ذكر فيما يثبت من طرق مشهورة . وقال الماوردي والروياني : وأما تعبير الشافعي بذلك فقد اشتهر أنه يعني به إبراهيم بن إسماعيل ، فصار كالتسمية له . وقال ابن برهان : اختلف فيه ، فقيل : إنه كان يريد مالكا . وقيل : بل مسلم بن خالد الزنجي ، إلا أنه كان يرى القدر ، فاحترز عن التصريح باسمه لهذا المعنى . ا هـ . وقال أبو حاتم : إذا قال الشافعي : أخبرني الثقة عن ابن أبي ذئب : [ ص: 176 ] فهو ابن أبي فديك . وإذا قال : أخبرني الثقة : قال : الليث بن سعد ، فهو يحيى بن حسان وإذا قال : أخبرني الثقة ، عن الوليد بن كثير فهو عمرو بن أبي سلمة وإذا قال : أخبرني الثقة عن ابن جريج ، فهو مسلم بن خالد الزنجي .

وإذا قال : أخبرني الثقة عن صالح مولى التوأمة ، فهو إبراهيم بن أبي يحيى . وقال بعضهم : حيث قال مالك : عن الثقة عنده ، عن بكير بن عبد الله بن الأشج ، فالثقة مخرمة بن بكير ، وحيث قال : عن الثقة ، [ ص: 177 ] عن عمرو بن شعيب ، فقيل : الثقة عبد الله بن وهب ، وقيل : الزهري . وحكى البيهقي في باب الاستثناء من " المعرفة " عن الربيع إذا قال الشافعي : أخبرنا الثقة ، يريد يحيى بن حسان ، وإذا قال : من لا أتهم ، فإبراهيم بن أبي يحيى ، وإذا قال : بعض الناس ، يريد أهل العراق ، وإذا قال : بعض أصحابنا يريد به أهل الحجاز . ثم قال : قال الحاكم : قد أخبر الربيع عن الغالب من هذه الروايات ، فإن أكثر ما رواه الشافعي عن الثقة هو يحيى بن حسان . وقد قال في كتبه : أخبرنا الثقة . والمراد به غير يحيى بن حسان . وقال البيهقي : وقد فصل ذلك شيخنا الحاكم تفصيلا على غالب الظن ، فذكر في بعض ما قاله : أخبرنا الثقة ، أنه أراد به إسماعيل بن علية ، وفي بعضه أبا أسامة ، وفي بعضه [ ص: 178 ] عبد العزيز بن محمد ، وفي بعضه هشام بن يوسف الصنعاني ، وفي بعضه أحمد بن حنبل أو غيره من أصحابه ، ولا يكاد يعرف ذلك باليقين إلا أن يكون قيد كلامه في مواضع أخر . ا هـ .

التالي السابق


الخدمات العلمية