صفحة جزء
مسألة [ ترتب الذم أو العقاب على الترك يتحقق به الوجوب ] لا يتحقق وجوب بدون ترجيح في فعله بترتب ذم أو عقاب على تركه . [ ص: 245 ] وقال القاضي : إذا أوجب الله شيئا وجب ، وإن لم يتوعد بالعقاب على تركه ، إذ الوجوب بإيجابه لا بالعقاب ، بل يكفي في الوجوب الطلب الجازم . قال الصفي الهندي : فإن أراد أن الوجوب يتحقق بدون العقاب والتوعد بناء على أن الرجحان ليس منحصرا فيها ، بل قد يكون بأن يكون تركه سببا للذم ، وفعله سببا للثواب فهذا حق ، وإن أراد أن الوجوب قد يتحقق بمجرد الإيجاب وأن يترجح الفعل على الترك بالنسبة إلينا ، ويكون مقصودا من نفي التوعد نفي المرجح لا نفي خصوصه . إذ قوله : إذ الوجوب بإيجابه مشعر به فممنوع لما مر في تعريفه الواجب . وقال العبدري في المستوفى " : إن الذي ذهب إليه القاضي إذا حقق هو مقام الصديقين المقربين من المؤمنين ، والذي ذهب إليه غيره مقام الصالحين فلا تنافي بين القولين ، وقال الرازي في المنتخب " : تحقق العقاب على الترك ليس شرطا في الوجوب خلافا للغزالي ، وهو قول القاضي . قال القرافي : وهذا وهم على الغزالي ، ولم يقل : إن العقاب لا بد منه في ترك كل الواجب بل معنى هذه المسألة أنه هل يكفي في تصور ماهية الوجوب الطلب الجازم الذي لم يخطر ببال الطالب الإذن بالترك كما في دعائنا لله تعالى ؟ أو يقال : الوجوب مركب من رجحان الفعل مع قيد المؤاخذة على الترك إما الذم أو غيره . هذا هو محل النزاع . وقال الهندي : هذا النقل عن الغزالي سهو من الإمام ; لأن الغزالي نفى الوجوب عند نفي الترجيح مطلقا لا عند نفي العقاب .

التالي السابق


الخدمات العلمية