صفحة جزء
[ تعريف الصحابي ] فإن قيل : أثبتم العدالة للصحابي مطلقا ، فمن الصحابي ؟ قلنا : اختلفوا فيه فذهب الأكثرون إلى أنه من اجتمع - مؤمنا - بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وصحبه ولو ساعة ، روى عنه أو لا ; لأن اللغة تقتضي ذلك ، وإن كان العرف يقتضي طول الصحبة وكثرتها ، وقيل : يشترط الرواية ، وطول الصحبة ، وقيل : يشترط أحدهما . وقال ابن السمعاني : هو من حيث اللغة والظاهر من طالت صحبته مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وكثرت مجالسته له ، وينبغي أن يطيل المكث معه على طريق التبع له ، والأخذ عنه ، ولهذا يوصف من أطال مجالسة أهل العلم بأنه [ ص: 191 ] من أصحابه ثم قال : هذه طريقة الأصوليين . أما عند أصحاب الحديث ، فيطلقون اسم الصحابة على كل من روى عنه حديثا ، أو كلمة ، ويتوسعون حتى يعدون من رآه رؤية ما من الصحابة وهذا لشرف منزلة النبي صلى الله عليه وسلم أعطوا كل من رآه حكم الصحابة ; لأنه قال : { طوبى لمن رآني ، ومن رأى من رآني } ، والأول الصحابة ، والثاني التابعون . وقال ابن فورك : هو من أكثر مجالسته ، واختص به ، ولذلك لم يعد الوافدون من الصحابة ، وقد يقال : فلان من الصحابة بمعنى أنه لقيه وروى عنه وإن لم تطل صحبته ولم يختص به ، إلا أن ذلك بتقييد ، والأول بإطلاق . انتهى . وقال أبو نصر بن القشيري : لفظ الصحابي من الصحبة . فكل من صحبه صلى الله عليه وسلم لحظة يطلق عليه اسم الصحابي لفظا ، غير أن العرف اقترن به ، فلا يطلق هذا اللفظ إلا على من صحبه مدة طالت صحبته فيها . قال : ولا تضبط هذه المدة بحد معين ، وكذا قال الغزالي .

[ هل للصحبة مدة معينة ] وحكى شارح البزدوي عن بعضهم تحديدها بستة أشهر ، وشرط سعيد بن المسيب الإقامة معه سنة ، أو الغزو معه ، وضعف بأن جرير بن عبد الله ، ووائل بن حجر ، ومعاوية بن الحكم السلمي ، وغيرهم ممن وفد على النبي صلى الله عليه وسلم عام تسع وبعده ، فأسلم وأقام عنده أياما ، ثم رجع إلى قومه ، وروى عنه أحاديث لا خلاف في عده من الصحابة ، ونحوه قول [ ص: 192 ] إلكيا الطبري : هو من ظهرت صحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم صحبة القرين قرينه ، حتى يعد من أحزابه وخدمته المتصلين .

وذكر صاحب " الواضح " أن هذا قول شيوخ المعتزلة . وقال أبو الحسين في " المعتمد " : هو من طالت مجالسته معه على طريق التبع له ، والأخذ عنه ، فمن لم تطل مجالسته كالوافدين ، أو طالت ولم يقصد الاتباع لا يكون صحابيا . ونقله صاحب " الكبريت الأحمر " عن الجمهور من أصحابهم . وقال القاضي أبو عبد الله الصيمري من الحنفية : هو من رأى النبي صلى الله عليه وسلم ، واختص به اختصاص الصاحب بالمصحوب ، وإن لم يرو عنه ولم يتعلم منه . وقال الجاحظ : يشترط تعلمه منه ، وقيل : يشترط أن يروي عنه حديثا واحدا .

التالي السابق


الخدمات العلمية