صفحة جزء
[ ص: 201 ] الشرط الرابع [ من الشروط التي يجب أن تتحقق في المخبر ] أن يكون بعيدا من السهو والغلط ، ضابطا لما يتحمله ويرويه ; ليكون الناس على ثقة منه في ضبطه ، وقلة غلطه . فإن كان قليل الغلط قبل خبره ، إلا فيما نعلمه أنه غلط فيه ، وإن كان كثير الغلط ، رد إلا فيما نعلم أنه لم يغلط فيه . قال ابن السمعاني في " القواطع " ، ونحوه قول إلكيا الطبري : لا يشترط انتفاء الغفلة ، فكون الراوي ممن تلحقه الغفلة لا يوجب رد حديثه ، إلا أن يعلم أنه قد لحقته الغفلة فيه ، بعينه ، وأكثر المحدثين لا يخلون من جواز يسير الغفلة ، وإنما يرد إذا غلبت الغفلة على أحاديثه ، وعليه يخرج ما قاله الشافعي في إسماعيل بن عياش ، قال : إنه كان سيئ الحفظ فيما يرويه عن غير الشاميين ، وعنى به أن الغفلة كانت غالبة عليه في ذلك ، فاختلطت رواياته ، ولكن إذا تعارضت روايات من تناهى بحفظه ، ومن تلحقه الغفلة ، رجح الأول ، وذكر نحوه ابن برهان في " الأوسط " .

وقال ابن فورك في كتابه : فإن لم يكن ضابطا لكل ما حدث به ساغ الاجتهاد فيه ، وإن غلب عليه ترك الضبط لم يقبل خبره ، كما لا تقبل شهادته ، وقال في موضع آخر : إن كان الراوي تلحقه الغفلة في حالة لا يرد حديثه إلا أن يعلم أنه قد لحقته الغفلة في حديث بعينه . وقال أبو بكر الصيرفي : من أخطأ في حديث ، فليس بدليل على الخطأ في غيره ، ولم يسقط بذلك حديثه ، ومن كثر خطؤه وغلطه لم يقبل خبره ; لأن المدار على حفظ الحكاية . ا هـ . وهذا ما حكاه الترمذي في علله " عن جمهور أهل الحديث ، فقال : [ ص: 202 ] كل من كان متهما في الحديث بالكذب ، أو كان مغفلا يخطئ الكثير ، فالذي اختاره أكثر أهل الحديث من الأئمة أن لا يشتغل منه بالرواية . ا هـ . وقال صاحب " الكبريت الأحمر " : الأحوال ثلاثة ، لأنه إن غلب خطؤه وسهوه على حفظه فمردود قطعا ، وإن غلب حفظه على اختلاله فيقبل إلا إذا قام دليل على خطئه ، وإن استويا فخلاف . قال القاضي عبد الجبار : يقبل ; لأن جهة الصدق راجحة في خبره ، لعقله ودينه . ا هـ . قلت : والراجح أنه ممن غلب غلطه ، وأطلق الشيخ أبو إسحاق رد خبره إذا كثر منه السهو والغلط ، وأشار بعض الخراسانيين من أصحابنا إلى أنه يقبل خبره إذا كان مفسرا ، وهو أن يذكر من روى عنه ، ويعين وقت السماع منه ، وما أشبه ذلك . قلت : وبه جزم القاضي أبو الحسين في كتاب الشهادات من تعليقه ، وذكر ابن الرفعة أن إمام الحرمين نقله عن الشافعي بالنسبة إلى الشهادة ، ففي الرواية أولى . قال : وهو ما أورده الفوراني والمسعودي والغزالي .

التالي السابق


الخدمات العلمية