صفحة جزء
مسألة [ الحديث يرويه بعضهم مرسلا ، وبعضهم متصلا ] إذا اختلف الثقات في حديث فرواه بعضهم متصلا ، وبعضهم مرسلا ، فهل الحكم للوصل أو الإرسال ، أو للأكثر ، أو الأحفظ ؟ أقوال . أحدها : أن الحكم لمن وصل ، وجزم به الصيرفي ، فقال : إذا أرسل سعيد بن المسيب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ووصله أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فالحجة لمن وصل إذا كان حافظا . هذا قول الشافعي ، وبه أقول . انتهى . [ ص: 247 ] وحكى القاضي أبو بكر في " التقريب " فيه اتفاق أهل العلم ، وبه جزم القاضي أبو الطيب . قال : والمرسل تأكيد له ، وصححه الخطيب البغدادي ، وقال ابن الصلاح : إنه الصحيح في الفقه وأصوله ، وسئل البخاري عن حديث : { لا نكاح إلا بولي } ، وهو حديث اختلف فيه على أبي إسحاق السبيعي ، رواه شعبة والثوري عنه ، عن أبي بردة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم متصلا ، فحكم البخاري لمن وصله ، وقال : الزيادة من الثقة مقبولة ، هذا مع أن مرسله سفيان وشعبة ، وهما ما هما .

والثاني : أن الحكم لمن أرسله ، وحكاه القاضي أبو بكر في التقريب ، والخطيب عن أكثر المحدثين . والثالث : أن الحكم للأكثر ، فإن كان من أسنده أكثر ممن أرسله ، فالحكم للإرسال ، وإلا فالوصل . والرابع : أن الحكم للأحفظ ، وعلى هذا لو أرسل الأحفظ ، فهل يقدح ذلك في عدالة من وصله ، أم لا ؟ قولان - أصحهما وبه صدر [ ص: 248 ] ابن الصلاح كلامه - المنع ، قال : ومنهم من قال : يقدح في سنده ، وفي عدالته وفي أهليته . والخامس : قاله إلكيا الطبري إنه بمثابة الزيادة من الثقة ، فيقدم الوصل بشرطين : أن لا يكون الحديث عظيم الوقع بحيث يزيد الاعتناء به ، وأن لا يكذبه راوي الإرسال .

التالي السابق


الخدمات العلمية