صفحة جزء
الحادي عشر : أن مرسل من بعد التابعين لا يقبل ، ولم يحك عن أحد قبوله لتعدد الوسائط ; ولأنه لو قبل لقبل مرسل المحدث اليوم ، وبينه . [ ص: 366 ] وبين النبي صلى الله عليه وسلم مفاوز ، ولم يقبله أحد إلا ما سبق عن الغزالي في المنخول " وقد رددناه .

الثاني عشر : أن ظاهره قبول مرسل كبار التابعين دون صغارهم ، ولهذا قال في الرسالة " بعد النص المتقدم بكلام : ومن نظر في العلم بخبرة وقلة غفلة ، استوحش من مرسل كل من دون كبار التابعين بدلائل ظاهرة فيها . قال له قائل : فلم فرقت بين كبار التابعين المتقدمين الذين شاهدوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن شاهد بعضهم دون بعض ؟ قال الشافعي ( رحمه الله ) : فقلت : لبعد إحالة من لم يشهد أكثرهم قال : فلم يقبل المرسل منهم ومن كل ثقة دونهم ؟ فقلت : لما وصفت انتهى . فليعلم أن مذهبه ذلك إلا أن يوجد له نص بخلافه فيكون له قولان ، ويحتمل أنه جعل لمرسل كبار التابعين مزية على من دونهم كما جعل لمرسل سعيد مزية على من سواه منهم ، لكن هذا كله خلاف الظاهر من كلامه .

ثم قال الشافعي ( رضي الله عنه ) في الرسالة " : فكل حديث كتبته منقطعا ، فقد سمعته متصلا ، أو مشهورا عمن روي عنه بنقل عامة من أهل العلم يعرفونه عن عامة ، ولكن كرهت وضع حديث لا أتقنه حفظا خوف طول الكتاب ، وغاب عني بعض كتبي . انتهى . فنبه ( رضي الله عنه ) على أن كل ما يورده من المنقطعات فهو متصل ، سواء ابن المسيب أو غيره ، واستفدنا من هذا أن ما وجدناه في كتبه من المراسيل لا يقدح في مذهبه من عدم الاحتجاج بها ، فأبان بهذا أن ما نجده [ ص: 367 ] من المرسل هو عنده متصل ، ولكن ترك إسناده لما ذكر . الثالث عشر : أنه لا يقول بالمرسل إذا لم يعتضد بما سبق ، وزعم الماوردي في باب بيع اللحم بالحيوان أنه يقول به إذا لم يجد في الباب سواه ، وهو غريب ، ويعضده عمل الشافعي بأقل ما قيل إذا لم نجد دليلا ، لكن يلزمه طرد ذلك في كل حديث ضعيف ، وهو بعيد .

التالي السابق


الخدمات العلمية