صفحة جزء
[ المبحث الرابع ] في كونه حجة الرابع : وإذا ثبت إمكان العمل به ، فهو حجة شرعية ، ولم يخالف فيه غير النظام والإمامية . قال إمام الحرمين : أول من باح برده النظام ، [ ص: 385 ] ثم تابعه بعض الروافض ، أما الإمامية فالمعتبر عندهم قول الإمام دون الأمة . والنظام يسوي بين قول جميع الأمة وبين قول آحادها في جواز الخطأ على الجميع ، ولا يرى في الإجماع حجة ، وإنما الحجة في مستنده إن ظهر لنا ، وإن لم يظهر لم يقدر له دليلا تقوم به الحجة . هكذا حكاه القاضي في التقريب ، والقاضي أبو الطيب ، والشيخ أبو إسحاق ، وإلكيا الطبري ، وابن السمعاني ، وغيرهم . وتبعهم الرازي ، ونقل ابن برهان عنه أنه يحيل الإجماع ، وتبعه ابن الحاجب . وقال بعضهم : الصحيح عن النظام أنه يقول بتصور الإجماع ، وأنه حجة ، ولكن فسره بكل قول قامت حجته ، وإن كان قول واحد ، ويسمى بذلك قول النبي عليه السلام إجماعا ، ومنع الحجية عن الإجماع الذي نفسره نحن بما نفسره ، وكأنه لما أضمر في نفسه أن الإجماع باصطلاحنا غير حجة ، وتواتر عنده لم يخبر بمخالفته ، فحسن الكلام وفسره بما ذكرناه .

هكذا قال الغزالي وغيره ، هذا تحرير النقل عنده ، ولأجله قال الصفي الهندي : النزاع لفظي . وقال ابن دقيق العيد في " شرح العنوان " نقل عن النظام إنكار حجية الإجماع ، ورأيت أبا الحسين الخياط أنكر ذلك في نقضه لكتاب الراوندي ، ونسبه إلى الكذب ، إلا أن النقل مشهور عن النظام بذلك . ا هـ . وحكى الجاحظ في كتاب " الفتيا " عن النظام أنه قال : الحكم يعلم بالعقل أو الكتاب أو إجماع النقل . ا هـ . لكن قيل : إنه عنى به التواتر [ ص: 386 ] ونقل الأستاذ أبو منصور البغدادي عن أبي عبد الرحمن الشافعي وابن عيسى الوراق أنه إذا أجمع أهل عصر على حكم جاز أن يخالفهم فيه من لم يدخل معهم في الإجماع ، ولا يجوز ذلك لمن وافقهم ، وذهب جمهور الصحابة والتابعين وأكثر المسلمين إلى أن الإجماع حجة الله - عز وجل - في شريعته مع اختلافهم في شروطه .

التالي السابق


الخدمات العلمية