[ ص: 445 ] اتفاق أهل المدينة  مراتب عدة   ] وقال بعض المتأخرين : التحقيق في هذه المسألة أن منها ما هو كالمتفق عليه ، ومنها ما يقول به جمهورهم . ومنها ما يقول به بعضهم . فالمراتب أربعة : إحداها : ما يجري مجرى النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ، كنقلهم لمقدار الصاع والمد ، فهذا حجة بالاتفاق . ولهذا رجع 
 nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف  إلى 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك  فيه ، وقال : لو رأى صاحبي كما رأيت لرجع كما رجعت ، ورجع إليه في الخضراوات . فقال : هذه بقائل أهل 
المدينة  لم يؤخذ منها صدقة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا 
أبي بكر  ولا 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر  ، وسأل عن الأحباس . فقال : هذا حبيس فلان ، وهذا حبيس فلان ، فذكر أعيان الصحابة . فقال له : 
 nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف    : وكل هذا قد رجعت إليك . الثانية : العمل القديم 
بالمدينة  قبل مقتل 
عثمان  ، فهذا كله هو حجة عند 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك  حجة عندنا أيضا . ونص عليه 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي    . فقال في رواية 
يوسف بن عبد الأعلى    : إذا رأيت قدماء أهل 
المدينة  على شيء فلا يبق في قلبك ريب أنه الحق ، وكذا هو ظاهر مذهب 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد  ، فإن عنده أن ما سنه الخلفاء الراشدون حجة يجب اتباعها ، وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد    : كل بيعة كانت 
بالمدينة  فهي خلافة نبوة ، ومعلوم أن بيعة 
الصديق  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر  ، 
وعثمان  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي  كانت 
بالمدينة  ، وبعد ذلك لم يعقد بها بيعة ، ويحكى عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة  أن قول الخلفاء عنده حجة . 
الثالثة : 
إذا تعارض في المسألة دليلان كحديثين وقياسين فهل يرجح  [ ص: 446 ] أحدهما بعمل أهل المدينة  ؟ وهذا موضع الخلاف . فذهب 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك   nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي  إلى أنه مرجح ، وذهب 
 nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة  إلى المنع ، وعند الحنابلة قولان : أحدهما : المنع ، وبه قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبو يعلى  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13372وابن عقيل    . والثاني : مرجح ، وبه قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب  ، ونقل عن نص 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد  ، ومن كلامه : إذا روى أهل 
المدينة  حديثا وعملوا به فهو الغاية . الرابعة : النقل المتأخر 
بالمدينة    . والجمهور على أنه ليس بحجة شرعية ، وبه قال الأئمة الثلاثة ، وهو قول المحققين من أصحاب 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك  كما ذكره 
 nindex.php?page=showalam&ids=14960القاضي عبد الوهاب  في " الملخص " . فقال : إن هذا ليس إجماعا ولا حجة عند المحققين ، وإنما يجعله حجة بعض أهل 
المغرب  من أصحابه ، وليس هؤلاء من أئمة النظر والدليل ، وإنما هم أهل تقليد . وجعل 
أبو الحسن الإبياري  المراتب خمسة : أحدها : 
الأعمال المنقولة عن أهل المدينة  بالاستفاضة ، فلا خلاف في اعتمادها . ثانيها : أن يرووا أخبارا ويخالفوها ، وقد تقدم الكلام عليه . قال : واختار 
إمام الحرمين  أن الراوي الواحد إذا فعل ذلك سقط التمسك بروايته ، ويرجع إلى عمله فما الظن بعلماء أهل 
المدينة  جملة . ثالثها : 
أن لا ينقلوا الخبر ، ولكن يصادف خبر على نقيض حكمهم  ( أهل المدينة    )  ، فهذه أضعف من الأولى ، ولكن غلبة الظن حاصلة بأن الخبر لا يخفى عن جميعهم ; لهبوط الوحي في بلدهم ، ومعرفتهم بالسنة ، ولهذا كانوا يرجعون إليهم . ويبعثون يسألون منهم ، فينزل منزلة ما لو رأوا وخالفوا .  
[ ص: 447 ] 
رابعها : 
أن لا ينقل خبر على خلاف قضائهم ، ولكن القياس على غير ذلك . فهذا فيه نظر ، فقد يقال : إنهم لم يخالفوا القياس مع كونه حجة شرعية إلا بتوقيف ، وقد يقال : لا يوافقون ، ولهذا اختلف 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك  في هذه الصورة ، كالقصاص بين الحر والعبد ، والمسلم والكافر في الأطراف . خامسها : 
أن يصادف قضاؤهم على خلاف خبر منقول عنهم أو عن غيرهم ، لا عن خلاف قياس ، حتى يستدل به على خبر لأجل مخالف القياس ، فالصواب عندي في هذه الصورة عدم الالتفات إلى المنقول ، ويتبع الدليل . ا هـ .