صفحة جزء
[ ص: 451 ] المسألة ] السابعة [ إجماع الخلفاء الأربعة ] قال القاضي أبو خازم - بالخاء والزاي المعجمتين - من الحنفية : إجماع الخلفاء الأربعة حجة ، وحكم بذلك في زمن المعتضد بتوريث ذوي الأرحام ولم يعتد بخلاف زيد ، وقبل منه المعتضد ذلك ، وردها إليهم ، وكتب بذلك إلى الآفاق ، وقال أبو بكر الرازي : وبلغني أن أبا سعيد البراذعي كان أنكر ذلك عليه . قال : وهذا فيه خلاف بين الصحابة .

فقال أبو حازم : لا أعد هذا خلافا على الخلفاء الأربعة ، وقد حكمت برد هذا المال إلى ذوي الأرحام ، ولا يجوز لأحد أن يتبعه بالنسخ . ا هـ . وهي رواية عن أحمد ، قال الموفق في الروضة " : نقل عن أحمد ما يدل على أنه لا يخرج عن قولهم إلى قول غيرهم . والصحيح أن ذلك ليس بإجماع ، وكلام أحمد في إحدى الروايتين يدل على أن قولهم حجة ، ولا يلزم من ذلك أن يكون إجماعا .

قلت : ويجري ذلك في كلام القاضي أبي حازم أيضا ، وأنه أراد أنه يقدم على قول غيرهم ، وعلى هذا فلا معنى لتخصيص أصحابنا حكايته عن أبي حازم ، فإنه قول للشافعي . [ ص: 452 ] قال ابن كج في كتابه هنا : إذا اختلفت الصحابة على قولين وكانت الخلفاء الأربعة مع أحد الفريقين ، فقال الشافعي في موضع : يصار إلى قول الخلفاء الأربعة ، وقال في موضع : إنهما سواء ، ويطلب دلالة سواهما . انتهى . ويحتمل أن يكون أبو حازم بناه على أن خلاف الواحد والاثنين لا يقدح في الإجماع ، وهو ظاهر سياق أبي بكر الرازي عنه .

وقيل : إجماع الشيخين وحدهما حجة . لنا أن ابن عباس خالف جميع الصحابة في خمس مسائل في الفرائض انفرد بها ، وابن مسعود بأربع مسائل ، ولم يحتج عليهم أحد بإجماع الأربعة . واحتج أبو حازم بحديث : { عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين } وعورض بحديث : { أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم } . قال القرطبي : والصحيح أنه لا تعارض بينهما ، فإن الأول : يقتضي أن يقتدى بالخلفاء فيما اتفقوا عليه . والثاني : الأمر للمقلد بالتخيير ، واعتبار المجتهدين ، والصحابة ، فلا يعارضه . سلمنا المعارضة ، لكن الأول صحيح ، والثاني ضعيف . وذكر القاضي في " التقريب " أن القائلين بهذا المذهب أرادوا الترجيح لقولهم على قول غيرهم ، لفضل سبقهم وتعددهم ، وطول صحبتهم ، وعندنا أن الترجيح إنما يطلب به غلبة الظن لا العلم . [ ص: 453 ]

فائدة [ عقود الخلفاء الأربعة وحماهم ] إذا عقد الخلفاء الأربعة عقدا ، أو حموا حمى لزم ، ولا ينتقض على أصح قولي الشافعي . حكاه أبو حامد في " الرونق " ، وممن حكى القول فيه صاحب التلخيص " في باب الإحياء ، واستقر به السنجي في شرحه " ، وقال : يشبه أن يكون قاله على قياس التقديم في تقليد الصحابي . وأما أصحابنا على قوله الجديد فسووا بينهم وبين من بعدهم . ا هـ . والأحسن ما قاله صاحب " الرونق " .

التالي السابق


الخدمات العلمية