صفحة جزء
[ المسألة ] الثامنة [ العبرة بإجماع أهل كل عصر ] وفاق من سيوجد لا يعتبر اتفاقا ، حكاه ابن الحاجب وغيره ، إذ لو اعتبر لما استمر إجماع ، ولا يعتد بخلاف ابن عيسى الوراق ، وأبي عبد الرحمن الشافعي ، فيما حكاه عنهما الأستاذ أبو منصور ، ولا يطلب في هذه وفاق الظاهرية في قولهم : لا يعتبر إلا إجماع الصحابة . فإنهم منكرون اعتبار أهل العصر الحاضرين ، فضلا عمن سيوجد ، وإنما الوفاق المذكور هو من القائلين بإجماع أهل كل عصر . وهذه المسألة هي المترجمة : أنه هل يعتبر اتفاق كل المسلمين في سائر الأعصار ؟ وإنما الاعتبار بإجماع أهل كل عصر . [ ص: 454 ] أما وفاق من سيوجد ، فلا يعتبر أيضا . فإذا حدثت حادثة لم يتقدم فيها قول لمن سلف انعقد الإجماع بقول أهل ذلك العصر ; لأن ذلك لو اعتبر لما انعقد أبدا إجماع ، حكاه عبد الوهاب ، ولم يذكر فيه خلافا . وأما قوله صلى الله عليه وسلم : { لا تجتمع أمتي على خطأ } فلا يخالف هاتين المسألتين من جهة أن لفظ الحديث يتناول جميع من صدق به وقت مبعثه وإلى الأبد ; لأنا علمنا بقصده من هذا أنه على وجه التكليف ، والالتزام يمنع من هذا القول .

التالي السابق


الخدمات العلمية