صفحة جزء
[ الثاني : الظاهر ] وأما الظاهر فهو كل ما ينقدح حمله على غيره التعليل أو الاعتبار إلا على بعد . وهو أقسام :

أحدها - اللام : وهي إما مقدرة ، كما سيأتي في مذهب الكوفيين ، وإما ظاهرة ، لقوله تعالى : { لدلوك الشمس } ، { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } ، { وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به } { وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به } والقرآن محشو من هذا . [ ص: 242 ] فإن قلت : اللام فيه للعاقبة ، كقوله تعالى : { فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا } وقوله : { ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة } قلت : لام العاقبة إنما تكون في حق من يجهلها ، كقوله : { فالتقطه آل فرعون ليكون لهم } . . . أو يعجز عن دفعها ، كقول الشاعر : . . .

لدوا للموت وابنوا للخراب

. وأما من هو بكل شيء عليم فيستحيل في حقه معنى هذه اللام ، وإنما اللام الواردة في أحكامه وأفعاله لام الحكم والغاية المطلوبة من الحكمة . وقوله : { ليكون لهم عدوا وحزنا } هو تعليل لقضاء الله بالتقاطه وتقديره له ، فإن التقاطهم إنما كان لقضائه ، وذكر فضلهم دون قضائه لأنه أبلغ في كونه جزاء لهم وحسرة عليهم وعن البصريين إنكار لام العاقبة .

قال الزمخشري : والتحقيق لام العلة ، فإن التعليل فيها وارد على طريق المجاز دون الحقيقة ، لأن داعيهم للالتقاط لم يكن لكونه عدوا وحزنا ، بل المحبة والتبني ، غير أن ذلك لما كان نتيجة التقاطهم له وثمرة ، شبه بالداعي الذي يفعل الفعل لأجله ، فاللام مستعارة لما يشبه التعليل ، كما استعير الأسد لمن يشبه الأسد . ونقل ابن خالويه في كتابه المبتدأ عن البصريين أنها لام الصيرورة ، وعن الكوفيين أنها لام التعليل . ونقل ابن فورك عن الأشعري أن كل لام نسبها الله لنفسه فهي للعاقبة والصيرورة دون التعليل ، لاستحالة الغرض ، فكأن المخبر في " لام الصيرورة " قال : فعلت هذا بعد هذا ، لا أنه غرض [ ص: 243 ] لي . واستشكله الشيخ عز الدين بقوله تعالى : { كي لا يكون دولة بين الأغنياء } ، وبقوله { إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك } فقد صرح فيه بالتعليل ، ولا مانع من ذلك ، إذ هو على وجه التفضل . وقال صاحب التنقيح : اللام في اللغة تأتي للتعليل ، وتستعمل للملك ، وإذا أضيفت إلى الوصف تعينت للتعليل . وجعل الرازي في المحصول اللام من الصرائح . وقال في الرسالة البهائية عن الغزالي أنه قال في شفاء العليل إنها صريحة في التعليل ، وكذلك الباء والفاء ثم استشكل ذلك بأنه إما أن يكون المراد بالصريح ما لا يستعمل إلا في التعليل أو ما يكون استعماله في التعليل أظهر . فإن كان الأول فليست اللام صريحة في التعليل لأنها تستعمل في غيره كقوله : . . .

لدوا للموت

. . . وقول المصلي : أصلي لله . فإن كان الثاني فلا يبقى بين الصريح والإيماء فرق ، لأن الإيماء إنما يجوز التمسك به إذا كانت دلالته على العلية راجحة على دلالته على غير العلية ، وحينئذ فلا بد من الفرق بين ما يصير فيه اللفظ صريحا في العلة ، وعند عدمه يصير إيماء ، ولم يثبت ذلك .

الثاني - أن ( المفتوحة المخففة ) فإنها بمعنى " لأجل " ، والفعل المستقبل بعدها تعليل لما قبله ، نحو أن كان كذا ، ومنه : { أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا } فإنه مفعول لأجله ، قدره البصريون ; كراهة أن تقولوا والكوفيون : لئلا تقولوا ، أو : لأجل أن تقولوا . وكذلك قوله تعالى : { أن تقول نفس يا حسرتى } ، وقوله : { أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى } . فالكوفيون في هذا كله يقدرون [ ص: 244 ] اللام ، أي : لئلا تضل ، و : لئلا تقول . والبصريون يقدرون المفعول محذوفا ، أي : كراهة أن تقولوا ، أو : حذرا أن تقولوا . فإن قيل : كيف يستقيم الطريقان في قوله : { أن تضل إحداهما } ؟ فإنك إن قدرت : " لئلا تضل إحداهما " لم يستقم عطف " فتذكر إحداهما " عليه ، وإن قدرت : " حذرا أن تضل إحداهما " لم يستقم العطف أيضا . وكذلك إن قدرت " إرادة أن تضل " . قيل : المقصود إذ كان إحداهما تنسى ، إذا نسيت أو ضلت ، فلما كان الضلال سببا للادكار جعل موضع العلة ، كما تقول : أعددت هذه الخشبة أن يميل الحيط فأدعمه بها ، فإنما أعددتها للدعم لا للميل . هذا قول سيبويه والبصريين ، وقدره الكوفيون في تذكير إحداهما الأخرى إن ضلت ، فلما تقدم الجزاء اتصل بما قبله فصحت ( أن ) .

الثالث - إن " المكسورة ساكنة النون " الشرطية . بناء على أن الشروط اللغوية أسباب ، فلا معنى لإنكار من أنكر عدها من ذلك . نعم ، التعليق من الموانع ، فيترتب على ما ترتب على الأسباب ، وعليه الخلاف من الشافعية والحنفية : هل الأسباب المعلقة بشرط انعقدت وتأخر ترتب حكمها إلى غاية ، أو لم تنعقد أسبابا ؟ لكن من جعل وجود المانع علة لانتفاء الحكم يصح على قوله إن الشرائط موانع ، وهي علل لانتفاء الحكم .

الرابع - إن : كقوله عليه الصلاة والسلام : { إنها من الطوافين عليكم } قال صاحب التنقيح : كذا عدوها من هذا القسم ، والحق أنها لتحقيق الفعل ، ولا حظ لها من التعليل ، والتعليل في الحديث مفهوم من سياق الكلام وتعينه فائدة للذكر . وكذلك أنكر كونها للتعليل الكمال بن الأنباري من نحاة المتأخرين ، ونقل إجماع النحاة على أنها لا ترد للتعليل قال : وهي في قوله : { إنها من [ ص: 245 ] الطوافين عليكم } للتأكيد ، لا لأن علة الطهارة هي الطواف ، ولو قدرنا مجيء قوله : ( هي من الطوافين ) بغير إن لأفاد التعليل ، فلو كانت " إن " للتعليل لعدمت العلة بعدمها ، ولا يمكن أن يكون التقدير " لأنها " وإلا لوجب فتحها ولا ستفيد التعليل من اللام . وتابعه جماعة من الحنابلة ، منهم الفخر إسماعيل البغدادي في كتابه المسمى ب جنة المناظر ، وأبو محمد يوسف بن الجوزي في كتابه الإيضاح في الجدل . ولكن ممن صرح بمجيئها للتعليل أبو الفتح بن جني . ونقل القاضي نجم الدين المقدسي في فصوله قولين للعلماء فيه ، وأن الأكثرين على إثباته . وليس مع النافي إلا عدم العلم ، وكفى بابن جني حجة في ذلك .

الخامس - الباء : قال ابن مالك : وضابطه أن يصلح غالبا في موضعها اللام ، كقوله تعالى : { ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله } ، وقوله : { فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم } ، { فكلا أخذنا بذنبه } ، وقوله عليه الصلاة والسلام : { لن يدخل أحدكم الجنة بعمله } ، وجعل منه الآمدي والهندي { جزاء بما كانوا يعملون } ونسبه بعضهم إلى المعتزلة وقال : إنما هي للمقابلة ، كقولهم : هذا بذلك ، لأن المعطي هو من قد يعطي مجانا ، وأما المسبب فلا يوجد بدون السبب . وتقدم في الحروف الفرق بين باء السببية وباء العلة و " إن " تشارك الباء في التعليل وتمتاز عنها بشيئين : أحدهما : أن ما يليها في حكم من رجع إليه فيما يتكلم فيه فقال موسعا كالجواب : لأنه كذا . والثاني : أن خبرها غير معلوم للمخاطب . أو منزل منزلة غير المعلوم لما لم يعمل بمقتضاه . وزعم الإمام فخر الدين أن دلالة الباء على التعليل مجاز من جهة أن ذات العلة لما اقتضت وجود المعلول دخل الإلصاق هناك ، فحسن استعمالها فيه مجازا . قال الهندي : وهذا يخالف ما ذكره غيره . ولما أشعر به كلامه [ ص: 246 ] هنا من أن دلالة اللام والباء قائمة على التعليل ظاهرة من غير فرق . ثم ذكر أنها في اللام حقيقة وقال الأصفهاني في نكته : الباء دون اللام في العلية ، لأن محامل اللام أقل من محامل الباء . واللام وإن جاءت للاختصاص فالتعليل لا يخلو عن الاختصاص فكانت دلالة اللام أخص بالعلة .

السادس - الفاء : إذا علق بها الحكم على الوصف ولا بد فيها من تأخرها وهي نوعان .

أحدهما : أن تدخل على السبب والعلة ، ويكون الحكم متقدما . كقوله عليه الصلاة والسلام في المحرم وقصته ناقته : { لا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا } .

والثاني : أن تدخل على الحكم وتكون العلة متقدمة ، كقوله تعالى : { الزانية والزاني فاجلدوا } { والسارق والسارقة فاقطعوا } . { إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا } . . . فالفاء للجزاء ، والجزاء مستحق بالمذكور السابق ، وهو السرقة مثلا ، لأن التقدير : إن سرق فاقطعوه . ومن هذا القبيل قوله تعالى : { أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل } ظاهر الخطاب يدل على أن العلة من قيام الولي بالإملاء أن موليه لا يستطيعه ، فصار ذلك موجبا قيام الولي بكل ما عجز عنه موليه ضرورة طرد العلة . قال الإمام الرازي : ويشبه أن يكون هذا في الإشعار بالعلة أقوى من عكسه ، يعني : لقوة إشعار العلة بالمعلول ، لوجوب الطرد في العلل دون العكس ، ونازعه النقشواني . وهو ضربان :

أحدهما : أن يدخل على كلام الله ورسوله ، إما في الوصف ، كالحديث السابق ، أو في الحكم ، كالآيات السابقة . [ ص: 247 ] والثاني : أن يدخل في كلام الراوي ، كقوله : سها فسجد ، وزنى ماعز فرجم . وسواء في ذلك الراوي الفقيه وغيره ، لأن الظاهر أنه لو لم يفهم لم يعاقب .

قيل : والفاء إذا امتنع كونها للعطف تعين للسبب . والمانع للعطف أنها متى قدرت له الواو اختل الكلام ، كقوله عليه السلام : { من أحيا أرضا ميتة فهي له } لأنها لو كانت عاطفة بمعنى الواو لتضمنت الجملة معنى الشرط بلا جواب ، وهذا مبني على حصر الفاء للتعليل والعطف ، وهو ممنوع ، بل هي في هذه المواضع جواب ، أي رابطة بين الشرط وجوابه ، ولا يلزم من كون الأول شرطا كونه علة .

وقد جعل في المحصول - تبعا للغزالي - الباء والفاء من صرائح التعليل ، ثم خالف الرازي في رسالته البهائية ورد على الغزالي وقال : الباء قد تستعمل لغير التعليل ، ومنه : باسم الله ، والفاء للتعقيب لا للتعليل .

وقال ابن الأنباري من النحويين : الفاء إنما يكون فيها إيماء إلى العلة إذا كان المبتدأ اسما موصولا بجملة فعلية أو نكرة موصوفة :

فالاسم الموصول نحو : الذي يأتيني فله درهم وقوله تعالى : { الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم } فما بعد الفاء ، من حصول الأجر ، ونفي الخوف والحزن ، مستحق بما قبلها ، من الإنفاق على ذلك الوصف . ويجري مجرى " الذي " الألف واللام إذا وصلت باسم الفاعل ، كقوله تعالى : { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } . . . ، و { الزانية والزاني فاجلدوا } . . . ، أي : لسرقتهما ولزناهما . فاستحقاق [ ص: 248 ] القطع والجلد إنما كان للسرقة والزنى لا لغيرهما ، ولولا الفاء جاز أن يكون لهما ولغيرهما .

والنكرة الموصوفة نحو : كل إنسان يفعل كذا فله درهم ، فيدل على استحقاق الدرهم بالفعل المتقدم ، فإذا لم تدخل لم يدل على ذلك ، وجاز أن يكون به وبغيره ، لأن في الكلام معنى الشرط ، إذا المعنى : إن يأتني رجل فله درهم .

والشرط سبب في الجزاء وعلة له ، ولهذا دخلت الفاء ، لأنها للتعقيب ، والمسبب في الرتبة عقب السبب ، فكان في دخولها إيماء إلى العلة ، وإذا حذفت لم يقتض اللفظ أن يكون الدرهم مستحقا بالفعل المتقدم ، بل به وبغيره لعدم الفاء المفيدة للتنبيه على العلة الموجبة للاستحقاق . وهنا أمران :

أحدهما : أن دخول فاء التعقيب على المعلوم واضح ، لوجوب تأخره عن العلة . وأما دخولها على العلة نحو ( فإنه يبعث ) فوجهه أن العلة الغائبة لها تقدم في الذهن وتأخر في الوجود ، كما تقول : أكل فشبع ، فالشبع متأخر في الوجود متقدم في الذهن .

وبهذا يجاب عن الاعتراض على القول باستفادة التعليل من الفاء بترتيب الوضوء على القيام إلى الصلاة ، ولو كانت للتعليل لزم أن يكون القيام إلى الصلاة علة الوضوء ، وذلك ممتنع ، بل علة وجوب الوضوء وجود الحدث . ولقد اعتاص الجواب على الغزالي حتى انتهى فيه إلى الإسهاب . وجوابه يعلم مما ذكرنا أن العلة تنقسم إلى ما يتقدم تصورها وإلى ما ينعدم تصورها . والصلاة بالنسبة إلى الوضوء لك أن تجعلها من الأول بأنها حكمة الوضوء ولها شرط يصح ترتيبه عليها بالفاء ، كما رتب بعث الشهيد المحرم على هيئته ، وأن تجعلها من الثاني فإنه قد أمكن جعل القيام إلى الصلاة مظنة وسببا ، ويكون الحدث [ ص: 249 ] شرطا من شرائط السبب أو من شرائط الحكم وإلحاق شرط بالوصف المومأ إليه لا يستكثر .

وقال بعضهم : الأولى أن تدخل الفاء على الأحكام ، لأنها مترتبة على العلل ، ولا تدخل على العلل لاستحالة تأخر العلة عن المعلول ، إلا أنها قد تدخل على العلل على خلاف الأصل بشرط أن يكون لها دوام ، لأنها إذا كانت دائمة كانت في حالة الدوام متراخية عن ابتداء الحكم ، فصح دخول الفاء عليها بهذا الاعتبار ، كما يقال لمن هو في حبس ظالم إذا ظهر آثار الفرج : أبشر فقد أتاك الغوث ، وقد نجوت .

الثاني : ما ذكر من أن الفاء للتعليل في آية السرقة من جهة أنه رتب القطع على السرقة بها ، فدل على أن السرقة هي السبب لا يأتي على مذهب سيبويه ، لأنه يرى أن قوله ; { فاقطعوا } جواب لما في الألف واللام من معنى الشرط ، إنما الكلام عنده على معنى ; فيما يتلى عليكم حكم السارق والسارقة ، فهذه ترجمة سيقت للتشوف إلى ما بعدها ، فلما كان في مضمون الترجمة منتظرا قيل : فاقطعوا أيديهما فالفاء إذن للاستئناف لا للجواب . وإنما حمل سيبويه على ذلك أن الفاء لو كانت جوابا لقوله : { والسارق } وكان الكلام مبتدأ أو خبرا لكانت القواعد تقتضي النصب في { السارق } لأن الأمر بالفعل أولى ، كقوله : زيدا اضربه . فلما رأى العامة مطبقة على الرفع تفطن ، لأنها لا تجمع على خلاف الأولى ، فاستدل بذلك على أنه خارج على معنى الاستئناف وذكر مثل قوله { والسارق والسارقة } كالترجمة والعنوان .

السابع - لعل : على رأي الكوفيين من النحاة ، وقالوا : إنها في كلام الله تعالى للتعليل المحض مجردة عن معنى الترجي لاستحالته عليه ، فإنه إنما يكون فيما تجهل عاقبته . كقوله تعالى : { اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون } قيل : هو تعليل [ ص: 250 ] لقوله ( اعبدوا ) ، وقيل : لقوله ( خلقكم ) ، وقيل : لهما . وقوله : { كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون } ، { لعله يتذكر أو يخشى } ف " لعل " في هذا اختصت للتعليل والرجاء الذي فيهما متعلق المخاطبين .

الثامن - إذ : ذكر ابن مالك ، نحو { وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف } ، { وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم } { ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم } . . . وقد أشار إليه سيبويه ، ونازعه أبو حيان .

التاسع - حتى : أثبته ابن مالك أيضا . قال : وعلامتها أن يحسن في موضعها ( كي ) ، نحو : خذ حتى تعطي الجود . ومن مثلها قوله تعالى : { ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم } وقوله : { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة } ، ويحتملها { حتى تفيء } . . . . وزعم صاحب التنقيح أن منها ( لا جرم ) بعد الوصف ، كقوله تعالى : { لا جرم أن لهم النار } وجميع أدوات الشرط والجزاء كقوله تعالى : { وإن كنتم جنبا فاطهروا } ، { ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } ، { . من أحيا أرضا ميتة فهي له } . وكذا حرف ( إذا ) فإن فيها معنى الشرطية ، كقوله تعالى : { إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا } وجعل الآمدي منها ( من ) أيضا .

تنبيه : هذه الألفاظ كما تختلف مراتبها في أنفسها في الدلالة على التعليل كذلك تختلف بحسب وقوعها في كلام القائلين ، فهي في كلام الشارع أقوى منها في كلام الراوي ، وفي كلام الراوي الفقيه أقوى منها في غير الفقيه ، [ ص: 251 ] مع صحة الاحتجاج بها في الكل ، خلافا لمن توهم أنه لا يحتج بها إلا في كلام الراوي الفقيه ، وهذا بحث توهمه بعض المتأخرين ، وليس قولا . وزعم الآمدي أن الوارد في كلام الله أقوى من الوارد في كلام النبي صلى الله عليه وسلم . والحق تساويهما ، وبه صرحالهندي ، لعدم احتمال تطرق الخطأ إليهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية