الرابعة : 
استصحاب الدليل مع احتمال المعارض   : إما تخصيصا إن كان الدليل ظاهرا ، أو نسخا إن كان الدليل نصا ، فهذا أمره معمول له بالإجماع . وقد اختلف في تسمية هذا النوع بالاستصحاب ، فأثبته جمهور الأصوليين ومنعه المحققون ، منهم 
إمام الحرمين  في البرهان " 
وإلكيا  في تعليقه " ، 
وابن السمعاني  في القواطع " ، لأن ثبوت الحكم فيه من ناحية اللفظ لا من ناحية الاستصحاب . ثم قال 
إمام الحرمين    : إنها مناقشة لفظية ، ولو سماه استصحابا لم يناقش . وقال 
أبو زيد    : هذا قد يعد من الاستصحاب لأن دليل ثبوت الحكم عندي غير دليل بقائه فإن النص مثلا أثبت أصله ، ثم بقاؤه بدليل آخر وهو عدم المزيل ، لأنه لو كان دليل البقاء دليل الثبوت لما جاز النسخ ، فإن النسخ يرفع البقاء والدوام . قال 
إلكيا    : وهذا ليس بشيء ، لأن الدليل إما أن لا يقتضي الدوام ، كالمقيد بالمرة أو المطلق ، وقلنا : لا يقتضي التكرار ، فلا يرد على هذا النسخ ، لأنه قد تم بفعل مرة واحدة وإما أن يدل على التقرير والبقاء نصا ، كقوله : افعلوه دائما أبدا ، وهو في الاستمرار ظاهر . فهما دليلان : نص في الثبوت وظاهر في الاستمرار . فهذا هو الذي يرد عليه النسخ ، 
وأبو زيد  أطلق ، وأصاب في قوله : دليل الثبوت غير دليل البقاء ، وأخطأ في قوله : دليل البقاء عدم المزيل ، فهذا ليس من الاستصحاب في شيء . ( انتهى ) . .