صفحة جزء
الثاني - الترجيح بحسب مدلوله وهو الحكم ، ويقع على أمور أولها : أن يكون أحد الخبرين مفيدا لحكم الأصل والبراءة والثاني ناقلا ، فالجمهور على أنه يجب ترجيح الناقل ، وبه جزم الأستاذ أبو إسحاق ، ونقله الأستاذ أبو منصور عن أكثر أصحابنا ، وجزم به ابن القطان في كتابه . قال : وإنما لم نقل : إنهما سواء لأن الناقل زائد على المقرر ، ومن أصلنا قبول الزيادة ، كما لو شهدا على رجل بألف درهم ، وشهد آخران بالبراءة أو القضاء ، فالإبراء أولى ، لأنهما قد شهدا بما شهد الأولان وزاد النقل على تلك الحالة ، وكما قلنا في الجرح والتعديل : إذا اجتمعا فالجرح أولى ، انتهى . وقيل : يجب ترجيح المقرر ، واختاره الإمام الرازي والبيضاوي ، كحديثي مس الذكر ، فإن الناقض ناقل عن حكم الأصل ، والآخر مقرر له .

[ ص: 195 ] تنبيه قال القاضي عبد الجبار : هذا الخلاف ليس من باب الترجيح ، بل من باب النسخ ، لأنا نعمل بالناقل على أنه ناسخ ، ولأنه لو كان من باب الترجيح لوجب أن يعمل بالخبر الآخر لولاه لكنا إنما نحكم بحكم الأصل ، لدلالة العقل ، لا لأجل الخبر ، والصحيح أنه من باب الترجيح ، ولهذا أوردوه في بابه لا في باب النسخ ، لأنا لا نقطع بالنسخ ، بل نقول : الظاهر ذلك وإن كان خلافه فهو داخل في باب الأولى ، وهو ترجيح . .

التالي السابق


الخدمات العلمية