صفحة جزء
الاعتبار السادس - بحسب الأمور الخارجية وهو بأمور أولها - أن يكون أحد القياسين موافقا للأصول في العلة : بأن تكون علة أصله على وفق الأصول الممهدة في الشرع ، فيرجح على موافقة أصل واحد ، لأن وجودها في الأصول الكثيرة دليل على قوة اعتبارها في نظر الشرع فهي أولى وهذا ما صححه الشيخ أبو إسحاق وابن السمعاني وغيرهما وقيل : هما سواء ، وهو اختيار القاضي في التقريب " ، كما لا ترجيح بكثرة العدد في الرواية عنده أما إذا كانت إحداهما أكثر فروعا من الأخرى فهل الكثيرة أولى لكثرة فائدتها ، أو هما سيان ؟ فيه وجهان حكاهما ابن السمعاني ، وجزم الأستاذ أبو منصور بتقديم الكثيرة ، وزيفه الغزالي ، لأن تقديم المتعدية على القاصرة تلقيناه من مسلك الصحابة رضوان الله عليهم ، ولم يظهر ذلك عند كثرة الفروع .

[ ص: 224 ] ثانيها - يرجح الموافق للأصول في الحكم : بأن يكون حكم أصله على وفق الأصول المقررة على ما ليس كذلك ، للاتفاق على الأول . ثالثها - يرجح الذي يكون مطردا في الفروع : بأن يلزم الحكم عليه في جميع الصور على ما ليس كذلك . رابعها - انضمام علة أخرى إليها : لأنها تزيد قوة الظن والحكم في المجتهدات بقوة الظن ، واختاره في القواطع " وحكي عن أبي زيد تصحيح عدم الترجيح بذلك ، لأن الشيء لا يتقوى إلا بصفة في ذاته ، أما بانضمام غيره إليه فلا خامسها - أن يكون مع إحداهما فتوى صحابي : فيرجح على ما ليس كذلك ، لأنه مما يثير الظن باجتماعهما وقد سبقت المسألة في تفاريع مذهب الصحابي ، فإن جعلنا مذهبه حجة مستقلة كان هذا من الترجيح بدليل آخر وإن قلنا : ليس بحجة مطلقا ، فهل تكون له مزية ترجيح الدليل أو لا ؟ اختلفوا على ثلاثه مذاهب : أحدها - أنه بمزية كغيره ، وإليه ذهب القاضي والثاني - نعم ، مطلقا والثالث - وهو رأي إمام الحرمين : التفصيل بين أن يكون ذلك الصحابي مشهورا بالمزية في ذلك الفن ، كزيد في الفرائض ، وعلي في القضاء ، اقتضى الترجيح ، وإلا فلا وعزاه بعضهم إلى الشافعي ، وبنى الإبياري الخلاف على قول المصوبة والمخطئة فقال : على قول التصويب بعدم الترجيح ، وعلى الثاني بالترجيح وجعل إمام الحرمين المراتب أربعا : أعلاها الشهادة لزيد في الفرائض ، لأنها تامة ثم يليه معاذ ، ثم يليه علي ، ثم يليه .

[ ص: 225 ] الشيخان في قوله { اقتدوا باللذين من بعدي } ثم قال الشافعي رحمه الله : ( قول علي في الأقضية كقول زيد في الفرائض ) وقول معاذ في الحلال والحرام إذا لم يتعلق بالفرائض كقول زيد في الفرائض .

التالي السابق


الخدمات العلمية