صفحة جزء
مسألة يجب على المجتهد أن يقصد باجتهاده طلب الحق عند الله وإصابة العين التي يجتهد فيها . قال الماوردي : هذا هو الظاهر من مذهب الشافعي ، قال : ويشبه أن يكون من مذهب المزني أن عليه أن يقصد باجتهاده طلب الحق عند نفسه ، لأن ما عند الله لا يعلم إلا بالنص . وعلى كلا المذهبين عليه أن يتوصل باجتهاده إلى طلب الحق وإصابة العين . فيجمع بين هذين الشرطين . وقال بعض العراقيين من الفقهاء والمتكلمين : عليه الاجتهاد وليعمل بما يؤديه اجتهاده إليه ، فيجعلون عليه الاجتهاد ولا يجعلون عليه طلب الحق بالاجتهاد ، ونسب إلى أبي يوسف . واختلف عن أبي حنيفة فقيل : في بعض الأحكام عليه طلب الحق بالاجتهاد ، كقولنا ، وفي بعضها يعمل بما يؤديه إليه اجتهاده كأبي يوسف . وقد اختلطت مذاهب الناس في هذا حتى التبست . واحتج القائلون بأن عليه طلب الاجتهاد . لا طلب الحق . بأن ما أخفاه الله لا طريق لنا إلى إظهاره . وفي إلزامه تكليف ما لا يطاق . وهو غلط لأن الاجتهاد نوع من الاستدلال . وحكى الرافعي في باب الاجتهاد في القبلة ، عن الصيدلاني قولين : أنه [ ص: 276 ] هل المكلف به الاجتهاد لا غير ، أو كلف التوجه للقبلة ؟ وفائدتهما فيما لو اجتهد ثم تيقن الخطأ ، هل يجب القضاء ؟ فعلى الأول : لا يجب ، وعلى الثاني : يجب . وذكر إمام الحرمين في " النهاية " هناك هذا الخلاف أيضا وقال : إنه يجري في كل مجتهد فيه ، ففي قول يكلف إصابة المطلوب ، وفي قول يكلف بذل المجهود في الاجتهاد . .

التالي السابق


الخدمات العلمية