صفحة جزء
[ منهج المؤلف ومصادره ]

وقد اجتمع عندي بحمد الله من مصنفات الأقدمين في هذا الفن ما يربو على المئين ، وما برحت لي همة تهم في جمع أشتات كلماتهم وتجول ، ومن دونها عوائق الحال تحول ، إلى أن من الله سبحانه بنيل المراد ، وأمد بلطفه بكثير من المواد ، فمخضت زبد كتب القدماء ، ووردت شرائع المتأخرين من العلماء ، وجمعت ما انتهى إلي من أقوالهم ، ونسجت على منوالهم ، وفتحت منه ما كان مقفلا ، وفصلت ما كان مجملا ، بعبارة تستعذب ، وإشارة لا تستصعب . وزدت في هذا الفن من المسائل ما ينيف على الألوف ، وولدت من الغرائب غير المألوف ، ورددت كل فرع إلى أصله وشكل قد حيل بينه وبين شكله ، وأتيت فيه بما لم أسبق إليه ، وجمعت شوارده المتفرقات عليه بما يقضى منه العجب ، وإن الله يهب لعباده ما يشاء أن يهب ، وأنظم فيه [ ص: 7 ] بحمد الله ما لم ينتظم قبله في سلك ، ولا حصل لمالك في ملك ، وكان من المهم تحرير مذهب الشافعي وخلاف أصحابه وكذلك سائر المخالفين من أرباب المذاهب المتبوعة .

ولقد رأيت في كتب المتأخرين الخلل في ذلك ، والزلل في كثير من التقريرات والمسالك ، فأتيت البيوت من أبوابها ، وشافهت كل مسألة من كتابها ، وربما أسوقها بعباراتهم لاشتمالها على فوائد ، وتنبيها على خلل ناقل وما تضمنته من المآخذ والمقاصد .

فمن كتب الإمام الشافعي رضي الله عنه الرسالة " ، و اختلاف الحديث " وأحكام القرآن " ، ومواضع متفرقة من الأم " ، وشرح الرسالة " للصيرفي وللقفال الشاشي وللجويني ولأبي الوليد النيسابوري وكتاب القياس " للمزني . [ ص: 8 ]

وكتاب " الرد على داود في إنكاره القياس " لابن سريج ، وكتاب " الإعذار والإنذار " له أيضا ، وكتاب الدلائل والأعلام " للصيرفي ، وكتاب القفال الشاشي ، وأبي الحسين بن القطان ، وأبي علي بن أبي هريرة وأبي إسحاق المروزي ، وأبي العباس بن القاضي في " رياض [ ص: 9 ] المتعلمين " وأبي عبد الله الزبيري وأبي الحسين محمد بن يحيى بن سراقة العامري ، وأبي القاسم بن كج ، وأبي بكر بن فورك ، والأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني ، والشيخ أبي حامد الإسفراييني ، وسليم الرازي [ ص: 10 ] في التقريب في الأصول " والتحصيل " للأستاذ أبي منصور البغدادي ، وشرح الكفاية والجدل " للقاضي أبي الطيب الطبري ، واللمع وشرحها " للشيخ أبي إسحاق ، والتبصرة " والملخص " ، والمعونة " ، والحدود " وغيرها من كتبه ، وكتاب الشيخ أبي نصر بن القشيري ، وكتاب أبي الحسين السهيلي من أصحابنا ، والأوسط " [ ص: 11 ] لابن برهان ، والوجيز " له ، والقواطع " لأبي المظفر بن السمعاني وهو أجل كتاب للشافعية في أصول الفقه نقلات وحجاجا ، وكتاب التقريب والإرشاد " للقاضي أبي بكر وهو أجل كتاب صنف في هذا العلم مطلقا ، والتلخيص " من هذا الكتاب لإمام الحرمين أملاه بمكة شرفها الله ، و البرهان " للإمام وشروحه ، وقد اعتنى به المالكيون . المازري ، والإبياري ، وابن العلاف ، وابن المنير ، ونكت عليه الشيخ تقي الدين المقترح [ ص: 12 ] جد الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد لأمه ، ومختصر النكت " لابن عطاء الله الإسكندراني ، " ومختصره لابن المنير ، والمستصفى " للغزالي ، وقد اعتنى به المالكية أيضا ، فشرحه أبو عبد الله العبدري في كتابه المسمى بالمستوفى " ، ونكت عليه ابن الحاج الإشبيلي وغيره ، واختصره ابن رشد [ ص: 13 ] وابن شاس صاحب الجواهر " ، وابن رشيق ، والمحصول ومختصراته وشروحه للأصفهاني والقرافي ، والأحكام " للآمدي ، ومختصر " ابن الحاجب ، والنهاية " للصفي الهندي [ ص: 14 ] ، والفائق " والرسالة السيفية " له ، وابن دقيق العيد في العنوان " ، وشرح العمدة " وشرح الإلمام " وبه ختم التحقيق في هذا الفن ، وفي موضع من شرح الإلمام " يقول : أصول الفقه هو الذي يقضي ولا يقضى عليه .

ومن كتب الحنفية كتاب أبي بكر الرازي ، واللباب " لأبي الحسن البستي الجرجاني ، وكتاب شمس الأئمة السرخسي ، وتقويم الأدلة " لأبي زيد ، والميزان " للسمرقندي والكبريت الأحمر " لأبي الفضل الخوارزمي ، وكتاب " العالمي " والبديع " لابن الساعاتي [ ص: 15 ] وكان أعلم أهل زمانه بأصول الفقه

ومن كتب المالكية الجامع " لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن مجاهد بن خويز منداد المالكي البصري ، ونقلت عنه بالواسطة والملخص " للقاضي عبد الوهاب والإفادة " والأجوبة الفاخرة " له ، والفصول " لأبي الوليد الباجي ، والمحصول " لابن العربي ، [ ص: 16 ] وكتاب أبي العباس القرطبي شارح مسلم ، والقواعد " للقرافي وغيره .

ومن كتب الحنابلة التمهيد لأبي الخطاب ، والواضح " لابن عقيل ، والروضة " للمقدسي ومختصرها للطوفي وغيرهم .

ومن كتب الظاهرية كتاب أصول الفتوى " لأبي عبد الله محمد بن سعيد الداودي وهو عمدة الظاهرية فيما صح عن داود ، وكتاب الإحكام " لابن حزم . [ ص: 17 ]

ومن كتب المعتزلة العمدة " لأبي الحسين والمعتمد " له ، والواضح " لأبي يوسف عبد السلام ، والنكت " لابن العارض بالعين المهملة .

ومن كتب الشيعة الذريعة " للشريف الرضي ، والمصادر " لمحمود بن علي الحمصي وهو على مذهب الإمامية ، وغير ذلك مما هو مبين في مواضعه . وسميته البحر المحيط " والله أسأل أن يجعله خالصا لوجهه الكريم مقربا للفوز بجنات النعيم ، بمنه وكرمه .

التالي السابق


الخدمات العلمية