صفحة جزء
تنبيه [ في تقسيم الرخصة ]

اعلم أن جميع الأصوليين يقسمون الرخصة إلى الأقسام الثلاثة المذكورة ، وكان بعض الفضلاء يثير في ذلك بحثا ، وهو أنه إما أن يكون مقصودهم ذكر ما وقع به الترخيص أو ذكر الحالة التي صارت إليه العبادة بعد الترخيص .

فإن كان الأول فالظاهر أن الرخصة إنما هي مجرد الإحلال ، لأن الإحلال هو الذي جعل له التيسير والسهولة ، وكون ذلك الذي حل يعرض [ ص: 37 ] له أمر آخر يصيره واجبا ليس من الرخصة في شيء ، فالترخيص للمضطر من الميتة ، وإنما هو إحلالها بعد أن كانت حراما ، وكونها يجب عليه أمر آخر نشأ عن وجوب حفظ النفس ، فلا يكون الرخصة عند التحقيق إلا بمجرد الإحلال .

وإن كان مرادهم ذكر الأحوال التي صارت إليها العبادة بعد الترخيص فتقسيمها إلى ثلاثة فيه نظر ، فإنها تنقسم بالاعتبار المذكور إلى أربعة عشر نوعا ، لأن الأحكام خمسة ، وكل منها إذا صار إلى حكم آخر يخرج منه خمس أقسام في الخمسة السابقة ، فهي خمسة وعشرون قسما . يسقط منها انتقال كل حكم إلى نفسه ، فهو محال صارت عشرين ، يسقط منها الترخيص في المباح إلى الأربعة ، وهو محال ، لأنه لا شيء أحق من الإباحة ، فلا رخصة فيها صارت ستة عشر ، ويسقط منها تخفيف المستحب إلى الواجب فإنه لا تسهيل فيه ، وكذلك تخفيف المكروه إلى الحرام محال أيضا فيبقى أربعة عشر قسما .

الأول : رخصة واجبة أصلها التحريم ، كأكل الميتة للمضطر .

الثاني : رخصة مستحبة أصلها التحريم ، كالقصر في السفر بعد ثلاثة أيام .

الثالث : رخصة مكروهة أصلها التحريم ، كالقصر دون ثلاثة أيام والترخيص في النفل عن التحريم إلى الكراهة .

الرابع : رخصة مباحة أصلها التحريم ، كالتيمم عند وجود الماء بأكثر من ثمن المثل ، وكذلك عند بذل ثمن الماء له ، أو بذل آلة الاستقاء ، أو إقراض الثمن ، وكذلك إذا وجد المضطر المحرم صيدا فذبحه وميتة فيتخير بينهما .

الخامس : رخصة مستحبة أصلها الوجوب ، كإتمام الصلاة قبل ثلاثة [ ص: 38 ] أيام ، وكالصوم في السفر للقوي والترخيص في النفل في القعود .

التالي السابق


الخدمات العلمية