صفحة جزء
[ ص: 268 ] الأول : في تقسيم الدلالة : وقد اختلف فيها ، فالصحيح أنها كون اللفظ بحيث إذا أطلق فهم منه المعنى من كان عالما بوضعه له . وقال ابن سينا : إنها نفس الفهم ، ورد بأن الدلالة نسبة مخصوصة بين اللفظ والمعنى .

ومعناها موجبيته تخيل اللفظ لفهم المعنى ، ولهذا يصح تعليل فهم المعنى من اللفظ بدلالة اللفظ عليه ، والعلة غير المعلول ، فإذا كانت الدلالة غير فهم المعنى من اللفظ لم يجز تفسيرها به .

وأجيب : بأن التعليل قد يكون مع الاتحاد كما في كل حد مع محدوده نحو هذا إنسان لأنه حيوان ناطق .

ورجح آخرون التفسير الثاني بأن اللفظ إذا دار بين مخاطبين ، وحصل فهم السامع منه قيل : هو لفظ ذلك ، وإن لم يحصل قيل : ليس بذلك ، فقد دار لفظ الدلالة مع الفهم وجودا وعدما ، فدل على أنه مسمى الدلالة . ويتلخص من هذا الخلاف خلاف آخر في أن ، الدلالة صفة للسامع أو اللفظ ؟ والصحيح الثاني . وينبغي أن يحمل كلام ابن سينا على أن مراده بالفهم الإفهام ، ولا يبقى خلاف ، والفرق بينهما : أن الفهم صفة السامع ، [ ص: 269 ] والإفهام صفة المتكلم ، أو صفة اللفظ على سبيل المجاز ، وهذه دلالة بالقوة . أما الدلالة بالفعل فهي إفادته المعنى الموضوع له .

وشرط بعضهم فيه شروطا ثلاثة : أن لا يبتدئه بما يخالفه ، ولا يختمه بما يخالفه ، وأن يصدر عن قصد فلا اعتبار بكلام الساهي النائم ، والقصد من هذا : أن يجعل سكوت المتكلم على كلامه كالجزء من اللفظ ، ويلتحق بالقرائن اللفظية ، وهي على القولين غير الدلالة باللفظ ، لأن الدلالة باللفظ هي الاستدلال به ، هو استعماله في المعنى المراد ، فهو صفة المتكلم ، والدلالة صفة اللفظ أو السامع ، وقد أطنب القرافي في الفرق بينهما بما حاصله هذا .

وهي تنقسم إلى لفظية وغير لفظية ، والثانية قد تكون وضعية كدلالة وجود المشروط على وجود الشرط ، وعقلية كدلالة الأثر على المؤثر كدلالة الدخان على النار وبالعكس .

التالي السابق


الخدمات العلمية