صفحة جزء
العلاقة الخامسة : الكلية : وهي إطلاق اسم الكل على الجزء كقوله تعالى : { جعلوا أصابعهم في آذانهم } أي ، أناملهم ; لأن العادة أن الإنسان لا يضع أصبعه في أذنه ، وقوله : { وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة } أي أعين ; لأن النظر بالعين لا بالوجه ، وجعل منه ابن جني قولك : ما فعل زيد ؟ فيقال القيام ، والقيام إنما هو جنس [ ص: 75 ] يتناول جميع أنواعه . قال ابن دقيق العيد : فيه نظر ; لأن العلماء قالوا : إن القيام دال على المصدر فلا يدل بمطلقه على أنواع القيام ، بل يدل على الحقيقة لا غير . وهاهنا بحث ، وهو أنه أن مراده بالألف واللام التي في القيام الاستغراق فلا مشاحة له في ذلك ; لأن الكل غير مراد قطعا ، وإن أراد بالألف واللام تعريف المصدر ، فهذا موضع النقد عليه ; لأن المصدر لا يدل إلا على قيام ما ، ولا يقال فيه : إنه بعض القيام ولا كله ، فلا يستقيم له ما أراد من إدخاله في باب المجاز ، وعلى هذا فلا يكون قوله : القيام أريد به المجاز بل الحقيقة ، وهذا النوع يقال له : إطلاق العام وإرادة الخاص ، وشواهده كثيرة . وعند فخر الإسلام من الحنفية أنه حقيقة ، وتسمى قاصرة بناء على أنه في المجاز يجب استعمال اللفظ في غير ما وضع له ، والجزء ليس غير الكل ، كما أنه ليس عينه ; لأن الغيرين موجودان يجوز وجود كل منهما بدون الآخر ، ويمتنع وجود الكل بدون الجزء ، فلا يكون غيره ، فعنده اللفظ إن استعمل في غير ما وضع له أي : في معنى خارج عما وضع له فمجاز ، وإلا فإن استعمل في عينه فحقيقة ، وإلا فحقيقة قاصرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية