صفحة جزء
[ التنبيه ] الثاني [ حد الشيء بحدين فأكثر ] منعوا أن يكون للشيء حدان فأكثر ، وحكى القاضي عبد الوهاب في كتابه " الإفادة " فيه خلافا ، واختار الجواز . قال : ولا يمتنع في اللغة أن يكون للشيء عدة أوصاف كل واحد منها يحصره ، وكما قالوا في الحركة : نقلة وزوال وذهاب في جهة ، وقولهم : إن التعدد يؤدي إلى المناقضة ، ويبطل أن يكون الأول حقا ممنوع . ا هـ . [ ص: 138 ] وهذه الشبهة تفيد أن نزاعهم في الحد الحقيقي ، وعلى هذا احتجاجه بما ذكر لا يقوى ; لأن الظاهر أنه لا خلاف في جواز التعدد في اللفظي والرسمي ، وقد نبه ابن الحاجب على أن امتناع تعدد الحدين الذاتيين مبني على تفسير الذاتي بما لا يتصور فهم الذاتي قبل فهمه . فإن القصد به فهم ذاتياته على سبيل التفصيل ، ولا يحصل ذلك حين فهم جميع ذاتياتها ; لأجل التفسير المذكور . ووجود اشتماله على ذلك مانع من التعدد ، وسكت عما يقتضيه التعريفان الأخيران للذاتي ، بل قضيته أنهما لا يقتضيان امتناع التعدد ، ومنه يؤخذ خلاف في التعدد في الحقيقي ، وقد صرح الغزالي بجواز التعدد في الرسمي واللفظي . أما اللفظي فلأنه يكثر بكثرة الأسامي الموضوعة للشيء الواحد ، وأما الرسمي فلأن عوارض الشيء الواحد ولوازمه قد تكثر بخلاف الحقيقي ، فإن الذاتيات محصورة ، فإن لم يذكرها لم يكن حدا حقيقيا . وإن ذكر معها زيادة فهي حشو ، فإذن الحد الحقيقي لا يتعدد .

التالي السابق


الخدمات العلمية