صفحة جزء
وقال الأستاذ أبو منصور : الغرض من أصول الفقه معرفة أدلة أحكام الفقه ، ومعرفة طرق الأدلة ، لأن من استقرأ أبوابه وجدها إما دليلا على حكم أو طريقا يتوصل به إلى معرفة الدليل ، وذلك كمعرفة النص ، والإجماع ، والقياس ، والعلل ، والرجحان . وهذه كلها معرفة محيطة بالأدلة المنصوصة على الأحكام . ومعرفة الأخبار وطرقها معرفة بالطرق الموصلة إلى الدلائل المنصوصة على الأحكام . وهاهنا أمور :

أحدها : أن الأسماء المستعملة في هذه العلوم . كأصول الفقه ، [ ص: 43 ] والفقه ، والنحو ، واللغة ، والطب . هل هي منقولة أو لا ؟ ذكر بعضهم فيه احتمالين :

أحدهما : أن يكون مما صار علما بالغلبة ، كالعقبة .

والثاني : أن يكون من المنقولات العرفية .

قال : وهذا الاحتمال أرجح ، لأن العلم بالغلبة يتقيد بما فيه الألف واللام أو الإضافة ، وأسماء هذه العلوم تطلق عرفا مع التنكير والقطع عن الإضافة كما تقول : فلان يعرف فقها ونحوا .

قلت : وبالأول صرح ابن سيده وغيره كما سبق ، وبالثاني صرح القاضي في التقريب " في الكلام على الحقيقة العرفية ، والطرطوشي في أوائل كتابه ، وقال : فيكون من الأسماء العرفية ، وهو مقتضى كلام الحليمي ، والغزالي ، وما رجح به الثاني فيه نظر ، لأنه مع التنكير لم يخرج عن العلمية فإن العلم ينكر تحقيقا أو تقديرا .

الثاني : إذا ثبت أنها منقولة فهي أسماء أجناس أو أعلام أجناس ، والظاهر الأول ، لقبوله الألف واللام ، والعلم لا يقبله ، ولاشتهارها في العرف ، كاشتهار لفظ الدابة لذوات الأربع . وقد ثبت أنها ليست بعلم هذا إذا كانت غير معرفة . أما أصول الفقه فهو معرفة بالإضافة . ونقل إلى هذا العلم الخاص أو غلب عليه ، فهو علم جنس ، لأنه المميز لهذا الجنس بخصوصه من غيره من الأجناس .

الثالث : أن أصول الفقه يطلق مضافا ومضافا إليه ، ويطلق علما على هذا العلم الخاص . [ ص: 44 ] واختلف الأصوليون ، فمنهم من عرف الإضافي ، ومنهم من عرف اللقبي ، ومنهم من جمع بين النوعين .

والصواب : تعريف اللقبي وليس ثم غيره . وأما جزاؤه حالة التركيب ، فليس لواحد منهما مدلول على حدته . إنما هو كغلام زيد إذا سميت به لم يتطلب معنى الغلام ، ولا معنى زيد ، وليس لنا حدان إضافي ولقبي وإنما هو اللقبي فقط .

التالي السابق


الخدمات العلمية