صفحة جزء
[ ص: 21 ] مسألة [ في عموم المجاز ]

وهل يتعلق العموم بالمجاز ؟ فيه وجهان لأصحابنا ، حكاهما ابن السمعاني .

أحدهما : المنع ، فلا يدخل العموم إلا في الحقائق .

والثاني : يدخل فيه المجاز كالحقيقة ، لأن العرب تخاطب به كما تخاطب بالحقيقة .

قلت : والأول صار إليه بعض الحنفية قال : فإنه على خلاف الأصل فيقصر على الضرورة كما قال أصحابنا : إن ما ثبت بالضرورة يقدر بقدرها ، وهي مسألة عموم المقتضي ، وهذا ضعيف ، وليس المجاز مختصا بمحال الضرورات ، بل هو عند قوم غالب على اللغات وعزى صاحب " اللباب " من الحنفية القول بأنه لا عموم للمجاز للشافعي . وقال بعض متأخريهم . المجاز المقترن بشيء من أدلة العموم [ ص: 22 ] كالمعرف باللام ونحوه لا خلاف في أنه لا يعم جميع ما يصلح له اللفظ من أنواع المجاز ، كالحلول والسببية والجزئية ونحوه . أما إذا استعمل باعتبار أحد الأنواع كلفظ الصاع المستعمل فيما يحله ، فالصحيح أنه يعم جميع أفراد ذلك المعنى ، لأن هذه الصيغ للعموم من غير فرق بين كونها مستعملة في المعاني الحقيقية أو المجازية .

ونقل عن بعض الشافعية أنه لا يعم ، حتى إذا أريد المطعوم اتفاقا لا يثبت غيره من المكيلات ، لأن المجاز ضروري ، والضرورة تندفع بإيراد بعض الأفراد ، فلا يثبت الكل كالمقتضى .

وأجيب بأنه إن أريد بالضرورة من جهة المتكلم في الاستعمال ، بمعنى أنه لم يجد طريقا لتأدية المعنى سواه فممنوع ، لجواز أن يعدل إلى المجاز لأغراض مع القدرة على الحقيقة ، وإن أريد من جهة الكلام والسامع بمعنى أنه لما تعذر العمل بالحقيقة وجب الحمل على المجاز ضرورة ، لئلا يلزم إلغاء الكلام ، فلا نسلم .

قال : واعلم أن القول بعدم عموم المجاز مما لم نجده منقولا في كتب الشافعية ، ولا يتصور الخلاف في قولنا : جاءني الأسود الرماة إلا زيدا ، وتخصيصهم الصاع بالمطعوم مبني على قولهم : إن العلة الطعم ، لا على عدم عموم المجاز .

وقال القاضي عبد الوهاب في " الملخص " : لا يصح دخول المجاز في الاسم العام ، كقولنا : معلوم ومذكور ، ومخبر عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية